للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإعادة ويخلي يديك من المال الذي تحصل به الكتب! ويقوي توقك١ إلى درجات العارفين والزهاد، ويحوجك إلى مخالطة أرباب الدنيا! وهذا البلاء المبين.

٦٠٨- وأما الخسيس الهمة، الذي لا يستنكف من سؤال الخلق، ولا يرى الاسبتدال بزوجته، ويكتفي بيسير من العلم، ولا يتوق إلى أحوال العارفين، فذاك لا يؤلمه فقد شيء، ويرى ما وجد هو الغاية، فهو يفرح فرح الأطفال بالزخارف، فما أهون الأمر عليه!

٦٠٩- إنما البلاء على العارف، ذي الهمة العالية، الذي تدعوه همته إلى جميع الأضداد، للتزيد من مقام الكمال، وتقصر خطاه عن مدارك مقصوده. فيا له من حال ينفد في طريقه زاد الصابرين!

ولولا حالات غفلة تعتري هذا المبتلى يعيش بها؛ لكان دوام ملاحظته للمقامات يعمي بصره، واجتهاده في السلوك يخفي قدمه، لكن ملاحظات الإمداد له -تارة بلوغ بعض مراده، وتارة بالغفلة عما قصد- تهون عليه العيش، وهذا كلام عزيز، لا يفهمه إلا أربابه، ولا يعلم كنهه إلا أصحابه.


١ توقك: شوقك.

<<  <   >  >>