للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يفوته، أو ليس يروى في التفسير أن كل واحد من أولاد يعقوب عليهم السلام -وكانوا اثني عشر- ولد له اثنا عشر ولدًا، إلا يوسف، فإنه ولد له أحد عشر، وجوزي بتلك الهمة١، فنقص ولدًا.

٦٢٠- فوا أَسَفَا لمضروب بالسياط ما يحس بالألم! ولمثخنٍ بالجراح، وما عنده من نفسه خبر! ولمتقلب في عقوبات ما يدري بها! ولعمري إن أعظم العقوبة أن لا يدري بالعقوبة.

٦٢١- فَوَا عَجَبًا للمغالط نفسه! يرضي ربه بطاعة، ثم يرضي نفسه بشهوة٢، ويقول: حسنة وسيئة!

٦٢٢- ويحك! من كيسك تنفق، ومن بضاعتك تهدم، ووجه جاهك تشين! رب جراحة قتلت، ورب عثرة أهلكت، ورب فارط٣ لا يستدرك.

٦٢٣- ويحك! انتبه لنفسك، ما الذي تنتظر بأوبتك؟ وماذا تترقب بتوبتك؟ المشيب؟ فها هو ذا أوهن العظم! وهل بعد رحيل الأهل والأولاد والأقارب إلا اللحاق؟!

قدر أن ما تؤمله من الدنيا قد حصل، فكان ماذا؟! إما هو عاجل، فشغلك عاجلًا، ثم آخر جرعة اللذة شرقة٤! وإما أن تفارق محبوبك أو يفارقك، فيا لها جرعة مريرة تود عندها أن لو لم تره!

٦٢٤- آهٍ لمحجوب العقل عن التأمل، ولمصدود عن الورود، وهو يرى المنهل! أما في هذه القبول نذير؟! أما في كرور الزمان زاجرٌ؟! أين من ملك وبلغ المنى فيما أمل؟!

نادهم في ناديهم! هيهات، صموا عن مناديهم، فلو أن ما بهم الموت، إنما القبول هنية. العمل حصل يا معدومًا بالأمس! يا متلاشي الأشلاء في الغد!


١ انظر سورة يوسف: الآية "٢٣".
٢ في الأصل: بمعصية.
٣ الفارط: الذنب السابق.
٤ الشرقة: هو حسوة تملأ الفم. وهو حرف ما زال مستعملًا عندنا في الشام.

<<  <   >  >>