للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأيام بها. فإنه لو تفكر في كيفية الذبائح، ووسخ من يباشرها، وعمل الكامخ١. وغيرها من المأكولات، ما طابت له. ولو تفكر في جولان اللقمة مختلطة بالريق، ما قدر على إساغتها.

٦٥٩- والمرء لا يخلو من حالين: إما أن يريد التنعم باللذات المباحات، أو يريد دفع الوقت بالضرورات، وأيهما طلب، فلا يبنغي له أن يبحث فيما يناله عن باطنه؛ فإنه لو نظر إلى عورة الزوجة نبا عنها٢، وقد قالت عائشة رضي الله عنها: "ما رأيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا رآه مني"٣.

٦٦٠- فينبغي للعاقل أن يكون له وقت معلوم يأمر زوجته بالتصنع له فيه، ثم يغمض عن التفتيش، ليطيب له عيشه، وينبغي لها أن تتفقد من نفسها هذا، فلا تحضره إلا على أحسن حال. وبمثل هذا يدوم العيش. فأما إذا حصلت البذلة٤، بانت بها العيوب، فنبت النفس، وطلبت الاستبدال، ثم يقع في الثانية٥ مثل ما يقع في الأولى، وكذلك ينبغي أن يتصنع لها كتصنعها له، ليدوم الود بحسن الائتلاف٦.


١ الكامخ: طعام من دقيق وملح ولبن يجفف في الشمس ثم تطرح عليه الأبازير لعله قريب مما يسمى اليوم "الكشك".
٢ كرهها وجفاها.
٣ رواه ابن ماجه "٦٦٢" وأحمد "٦/ ٦٣ و١٩٠"، والبيهقي "٧/ ٩٤" عن عائشة رضي الله عنها، قال البوصيري: إسناده ضعيف.
٤ البذلة، والابتذال: ترك الزينة.
٥ الزوجة الثانية.
٦ وبهذا المعنى وصية أمامة بنت الحارث لابنتها أم إياس حين زفت إلى زوجها: "أي بنية! إن الوصية لو تركت لفضل أدب لتركت لذلك منك، ولكنها تذكرة للغافل ومعونة للعاقل، ولو أن امرأة استغنت عن الزوج لغنى أبويها وشدة حاجتهما إليها كنت أغنى الناس عن الزوج؛ ولكن النساء للرجال خلقن، ولهن خلق الرجال.
أي بنية! إنك فارقت الجو الذي منه خرجت، وخلفت العش الذي فيه درجت، إلى وكير لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، فأصبح بملكه عليك رقيبًا ومليكًا. فكوني له أمة يكن لك عبدًا وشيكًا.
يا بنية! احملي عني عشر خصال تكن لك ذخرًا وذكرًا: ١- الصحبة بالقناعة، ٢- المعاشرة بحسن السمع والطاعة، ٣- والتعهد لموقع عينيه، ٤- والتفقد لموضع أنفه، فلا تقع عينيه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب ريح، ٥- والتعهد لوقت طعامه، ٦- والهدوء عند =

<<  <   >  >>