للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قصته للناس، ورفع قدره بترك ما ترك. فتأملت خبيئة الأمر، فإذا هي مخالفة للهوى المكروه.

فقلت: وا عجبًا! لو وافق هواه، من كان يكون؟! ولما خالفه، لقد صار أمرًا عظيمًا، تضرب الأمثال بصبره، ويفتخر على الخلق باجتهاده، وكل ذلك قد كان بصير ساعة، فيا له عزًّا وفخرًا [أن تملك نفسك١] ساعة الصبر عن المحبوب [وهو قريب] ٢!

وبالعكس منه حالة آدم في موافقته هواه، لقد عادت نقيصة في حقه أبدًا، لولا التدارك: {فَتَابَ عَلَيْهِ} [البقرة: ٣٧] !

فلتلمحوا -رحمكم الله- عاقبة الصبر ونهاية الهوى! فالعاقل من ميز بين الأمرين، الحلوين والمرين، فإن عدل ميزانه، ولم تمل به كفة الهوى، رأى كل الأرباح في الصبر، وكل الخسران في موافقة النفس، وكفى بهذا موعظة في مخالفة الهوى لأهل النهى، والله الموفق.


١ في الأصل: يقاوم كل لحظة من ذكره أمثال، والمثبت من نسخة في حاشية "أ".
٢ زيادة من "ط".

<<  <   >  >>