عاقبته، فعلم أن اللذة تفنى، والعار والإثم يبقيان، فيسهل عليه الترك، وإذا اشتهى الانتقام ممن يؤذيه، ذكر ثواب الصبر، وندم الغضبان على أفعاله في حال الغضب ثم لا يزال يتأمل سرعة ممر العمر، فيغتنمه بتحصيل أفضل الفضائل، فينال مناه.
٨٢٣- وأما الغافل؛ فإنه لا يرى إلا الشيء الحاضر، فمنهم من لم يتأمل في معنى المصنوع وإثبات الصانع، فجحدوا، وتركوا النظر، وجحدوا الرسل، وما جاءوا به، ونظروا إلى العاجل، ولم يتفكروا في مبدئه ومنتهاه؛ فليس عندهم من عرفان المطعم إلا الأكل، ولو تأملوا كيف أنشئ؟ ولماذا جعل حافظًا للأبدان؟ لعرفوا حقائق الأمور! وكذلك كل شهوة تعرض لهم، لا ينظرون في عاقبتها، بل في عاجل لذتها. وكم قد جنت عليهم، من وقوع حد، وقطع يد، وفضيحة! فتعجيل اللذة يفوت الفضائل، ويحصل الرذائل، وسببه عدم النظر في العواقب، وهذا شغل الغفل، وذاك المذموم شغل الهوى. نسأل الله عز وجل يقظة ترينا العواقب، وتكشف لنا الفضائل والمعايب، إنه قادر على ذلك.