للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٨٦٤- ومن العجز إفشاء السر إلى الولد والزوجة، والمال من جملة السر، فاطلاعهم عليه: إن كان كثيرًا، فربما تمنوا هلاك المورث١، وإن كان قليلًا، تبرموا بوجوده، وربما طلبوا من الكثير على مقدار كثرته، فأتلفته النفقات.

٨٦٥- وستر المصائب من جملة كتمان السر؛ لأن إظهارها يسر الشامت، ويؤلم المحب.

٨٦٦- وكذلك ينبغي أن يكتم مقدار السن؛ لأنه إن كان كبيرًا، استهرموه، وإن كان صغيرًا، احتقروه.

٨٦٧- ومما قد انهال فيه كثير من المفرطين: أنهم يذكرون بين أصدقائهم أميرًا أو سلطانًا، فيقولون فيه، فيبلغ ذلك إليه، فيكون سبب الهلاك. وربما رأي الرجل من صديقه إخلاصًا وافيًا، فأشاع سره. وقد قيل٢:

احذر عدوك مرةً ... واحذر صديقك ألف مره

فلربما انقلب الصديـ ... ـق فكان أدرى بالمضره

٨٦٨- ورب مفشٍ سره إلى زوجة أو صديق، فيصير بذلك رهينًا عنده، ولا يتجاسر أن يطلق الزوجة، ولا أن يهجر الصديق، مخافة أن يظهر سره القبيح.

فالحازم من عامل الناس بالظاهر، فلا يضيق [صدره بسره] ٣، فإن فارقته امرأة أو صديق أو خادم، لم يقدر أحد منهم أن يقول فيه ما يكره.

٨٦٩- ومن أعظم الأسرار الخلوات، ليحذر الحازم فيها من الانبساط بمرأى من مخلوق، ومن خلق له عقل ثاقب، دله على الصواب قبل الوصايا.


١ في الأصل: الموروث.
٢ البيتان لعلي بن عيسى، انظر: محاضرات الراغب "٣/ ٢٨".
٣ في الأصل: فلا يضيق سره في صدره.

<<  <   >  >>