للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تكرار ما ليس لها في تكراره وحفظه حظ، مثل مسائل الفقه، بخلاف الشعر والسجع، فإن لها لذة في إعادته، وإن كان يصعب؛ لأنها تلتذ به مرة ومرتين، فإذا زاد التكرار؛ صعب عليها، ولكن دون صعوبة الفقه وغيره من المستحسنات عند الطبع، فتراها تخلد إلى الحديث والشعر والتصانيف والنسخ؛ لأنه يمر بها كل لحظة ما لم تره، فهو في المعنى كالماء الجاري؛ لأنه جزء بعد جزء، وكذا من ينسخ ما يجب أن يسمعه أو يصنف، فإنه يلتذ بالجدة، ويستريح من تعب الإعادة.

٨٧١- إلا أنه ينبغي للعاقل أن يكون جل زمانه للإعادة، خصوصًا الصبي والشاب؛ فإنه يستقر المحفوظ عندهما استقرارًا لا يزول، ويجعل أوقات التعب من الإعادة للنسخ، ويحذر من تفلتها إلى النسخ عند الإعادة، فيقهرها، فإنه يحمد ذلك حمد السري وقت الصباح١.

وسيندم من لم يحفظ ندم الكسعي٢ وقت الحاجة إلى النظر والفتوى.

٨٧٢- وفي الحفظ نكتة ينبغي أن تلحظ، وهو أن الفقيه يحفظ الدرس ويعيده، ثم يتركه فينساه، فيحتاج إلى زمان آخر لحفظه، فينبغي أن يحكم الحفظ، ويكثر التكرار، ليثبت قاعدة الحفظ.


١ جاء في المثل: "عند الصباح يحمد القوم السرى" والسرى هو السير في الليل.
٢ محارب بن قيس الكسعي، شاعر يضرب به المثل في الندامة، وهو منسوب إلى كسع قبيلة في اليمن.

<<  <   >  >>