الإنسان يريد أن ينظر ما لا يقوى عليه بصره، فربما تحير، فخرج إلى الحجب.
لأنا إذا نظرنا في ذات الخالق، حار العقل، وبهت الحس؛ لأنه لا يعرف شيئًا لا بداية له! [و] لا يعلم إلا الجسم والجوهر والعرض، فإثبات ما يخرج عن ذاك لا يفهمه.
وإن نظرنا في أفعاله، رأيناه يحكم البناء ثم ينقضه! ولا نطلع على تلك الحكمة، فالأولى للعاقل أن يكف التطلع إلى ما لا يطيق النظر إليه.
ومتى قام العقل، فنظر في دليل وجود الخالق بمصنوعاته، وأجاز بعثة نبي، واستدل بمعجزاته، كفاه ذلك أن يتعرض لما قد أغني عنه.
وإذا قال: القرآن كلام الله تعالى، بدليل قوته:{حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ}[التوبة: ٦] ، كفاه.
٨٨٥- وأما من تحذلق فقال: التلاوة هي المتلو أو غير المتلو، والقراءة هي المقروء أو غير المقروء، فيضيع الزمان في غير تحصيل، والمقصود العمل بما فهم.
٨٨٦- وقد حكي أن ملكًا كتب إلى عماله في البلدان: إني قادم عليكم، فاعملوا كذا وكذا! ففعلوا، إلا واحدًا منهم، فإنه قعد يتفكر في الكتاب، فيقول: أترى كتبه بمداد أو بحبر؟! أترى كتبه قائمًا أو قاعدًا؟! فما زال يتفكر حتى قدم الملك، ولم يعمل مما أمره به شيئًا! فأحسن جوائز الكل، وقتل هذا.