للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ألا ترى إلى أول المعترضين -وهو إبليس- كيف ناظر فقال: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ} [الأعراف: ١٢] ؟! وقول خليفته - وهو أبو العلاء المعري١:

...................................... ... رأى منك ما لا يشتهي فَتَزَنْدَقَا

ونسأل الله عز وجل توفيقًا للتسليم، وتسليمًا للحكيم، {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} [آل عمران: ٨] . أترى نقدر على تعليل أفعاله فضلًا عن مطالعة ذاته؟!

وكيف نقيس أمره على أحوالنا؟! فإذا رأينا نبينا صلى الله عليه وسلم يسأل في أمه٢ وعمه٣، فلا يقبل منه، ويتقلب جائعًا، والدنيا ملك يده، ويقتل أصحابه، والنصر بيد خالقه، أوليس هذا مما يحير؟! فما لنا والاعتراض على مالك قد ثبتت حكمته واستقر ملكه؟!


١ أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي "٣٦٣-٤٤٩هـ": شاعر فيلسوف موسوعي المعرفة، عجيب الحفظ، ولد ومات في المعرة في بلاد الشام.
٢ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي، واستأذنته أن أزور قبرها فأذن الله" رواه مسلم "٩٧٦".
٣ عن المسيب بن حزن: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما توفي عمه أبو طالب: "أما والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك"، ونزل قوله عز وجل: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [التوبة: ١١٣] ، رواه البخاري "١٣٦٠، ومسلم ٢٤".

<<  <   >  >>