للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يتلطف ببدنه، فيختار الماء البائت١، ويحب الحلوى واللحم.

٩٢٣- ولولا مساكنة نوع غفلة، لما صنف العلماء، ولا حفظ العلم، ولا كتب الحديث؛ لأن من يقول: ربما مت اليوم، كيف يكتب؟ وكيف يسمع ويصنف؟! فلا يهولنكم ما ترون من غفلة الناس عن الموت، وعدم ذكره حق ذكره؛ فإنها نعمة من الله سبحانه، بها تقوم الدنيا ويصلح الدين.

٩٢٤- وإنما تذم قوة الغفلة الموجبة للتفريط، وإهمال المحاسبة للنفس، وتضييع الزمان في غير التزود، وربما قويت فحملت على المعاصي.

فأما إذا كانت بقدر، كانت كالملح في الطعام، لا بد منه، فإن كثر؛ صار الطعام زعاقًا٢. فالغفلة تمدح إذا كانت بقدر كما بينا، ومتى زادت، وقع الذم.

فافهم ما قلته، ولا تقل: فلان شديد اليقظة ما ينال الليل، وفلان غافل ينام أكثر الليل، فإن غفلة توجب مصلحة البدن والقلب لا تذم والسلام.


١ كانوا يبيتون الماء في العراء ليبرد.
٢ الزعاق: شديد الملوحة، في الأصل: زعافًا، وهو تصحيف.

<<  <   >  >>