للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد تكبره" ١. وقل من رأيت إلا وهو يرى نفسه٢!

٩٤٢- والعجب كل العجب ممن يرى نفسه! أتراه بماذا رآها؟! إن كان بالعلم؛ فقد سبقه العلماء، وإن كان بالتعبد، فقد سبقه العباد، أو بالمال، فإن المال لا يوجب بنفسه فضيلة دينية.

فإن قال: قد عرفت ما لم يعرف غيري من العلم في زمني، فما علي ممن تقدم؟ قيل له: ما نأمرك يا حافظ القرآن أن ترى نفسك في الحفظ كمن يحفظ النصف، ولا يا فقيه أن ترى نفسك في العلم كالعامي؛ إنما نحذر عليك أن ترى نفسك خيرًا من ذلك الشخص المؤمن، وإن قل علمه، فإن الخيرية بالمعاني لا بصورة العلم والعبادة.

٩٤٣- ومن تلمح خصال نفسه وذنوبها؛ علم أنه على يقين من الذنوب والتقصير، وهو من حال غيره على وشك، فالذي يحذر منه الإعجاب بالنفس، ورؤية التقدم في أحوال الآخرة.

٩٤٤- والمؤمن لا يزال يحتقر٣ نفسه. وقد قيل لعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: إن مت، ندفنك في حجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: لأن ألقى الله بكل ذنب غير الشرك أحب إلى من أن أرى نفسي أهلًا لذلك.

٩٤٥- وقد روينا: أن رجلًا من الرهبان رأى في المنام قائلًا يقول له: فلان الإسكافي خير منك! فنزل من صومعته، فجاء إليه، فسأله عن عمله، فلم يذكر كبير عمل! فقيل له في المنام: عد إليه، وقل له: مم صفرة وجهك؟ فعاد، فسأله؟ فقال: ما رأيت مسلمًا إلا وظننته خيرًا مني. فقيل له: فبذاك ارتفع.


١ لم أجده.
٢ أي: يعجب بها.
٣ يحتقر: يستصغر.

<<  <   >  >>