للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن تعقد على ما يقوله خنصرًا١، ولا أن تؤاخذه به، فإن حاله حال السكران، لا يدري ما يجري. بل اصبر لفورته، ولا تعول عليها؛ فإن الشيطان قد غلبه، والطبع قد هاج، والعقل قد استتر٢.

٩٤٧- ومتى أخذت في نفسك عليه، أو أجبته بمقتضى فعله، كنت كعاقل واجه مجنونًا، أو كمفيق عاتب مغمى عليه، فالذنب لك.

بل انظر بعين الرحمة، وتلمح تصريف القدر له، وتفرج في لعب الطبع به، واعلم أنه إذا انتبه، ندم على ما جرى، وعرف لك فضل الصبر.

وأقل الأقسام أن تسلمه فيما يفعل في غضبه إلى ما يستريح به.

٩٤٨- وهذه الحالة ينبغي أن يتلمحها الولد عند غضب الوالد، والزوجة عند غضب الزوج، فتتركه يشتفي بما يقول، ولا تعول على ذلك، فسيعود نادمًا معتذرًا.

ومتى قوبل على حالته ومقالته؛ صارت العداوة متمكنة، وجازى في الإفاقة على ما فعل في حقه وقت السكر.

٩٤٩- وأكثر الناس على غير هذه الطريق: متى رأوا غضبان، قابلوه بما يقول ويعمل، وهذا على غير مقتضى الحكمة، بل الحكمة ما ذكرته، {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [العنكبوت:٤٣] .


١ أي: لا يعتد بكلامه.
٢ ومن هذا الباب قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان"، رواه البخاري.

<<  <   >  >>