للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٩٥١- واعتبر هذا بأبي مسلم الخراساني، فإنه غض من قدر المنصور١ قبل ولايته، فحمل ذلك في نفسه، فقتله. ومن نظر في التواريخ، رأى جماعة قد جرى لهم مثل هذا.

٩٥٢- ولا ينبغي لمن أساء إلى ذي سلطان أن يقع في يده، فإنه إذا رام التخلص، لم يقدر، فيبقى ندمه على ترك احترازه، وحسرته على مساكنة الضمان للسلامة أشد عليه من كل ما يلقى به من الهوان والأذى.

٩٥٣- ومن هذا الجنس الأصدقاء المتماثلون؛ فإنك متى آذيت شخصًا، وبلغ إلى قلبه أذاك، فلا تثق بمودته، فإن أذاك نصب عينه، فإن لم يحتل عليك، لم يصف لك.

٩٥٤- ولا تخالط إلا من أنعمت عليه فحسب، فهو لم ير منك إلا خيرًا، فيكون في نفسه. وكذلك الولد والزوجة والمعاملون.

٩٥٥- ويلحق بهذا أن أقول: لا ينبغي أن تعادي أحدًا ولا تتكلم في حقه، فربما صارت له دولة فاشتفى، وربما احتيج إليه فلم يقدر عليه. فالعاقل يصور في نفسه كل ممكن، ويستر ما في قلبه من البغض والود، ويداري مع الغيظ والحقد. هذه مشاورة العقل إن قبلت.


١ أبو جعفر، عبد الله بن محمد الهاشمي، الخليفة العباسي الثاني، وفحل بني العباس شجاعةً وهيبةً ودهاءً ورأيًا وحزمًا "٩٥-١٥٨هـ".

<<  <   >  >>