للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٩٧٥- وكذلك يفتقر إلى الدخول في أمور لا تليق به، مثل أن يحتاج إلى الكسب، فيتردد إلى السوق، أو يخدم من يعطيه أجرته! وهذا لا يحتمله قلب المراقب لله سبحانه، لأجل ما يخالطه من الأكدار، أو يكون له عائلة وهو فقير، فيتفكر في إغنائهم، فيدخل في مداخل كلها عنده عظيمة.

٩٧٦- وقد يبتلى بفقد من يحب، أو ببلاء في بدنه، أو بعكس أغراضه، وتسليط معاديه عليه، فيرى الفاسق يقهره، والظالم يذله! وكل هذه الأشياء تكدر عليه العيش، وتكاد تزلزل القلب.

٩٧٧- وليس في الابتلاء بقوة الأشياء إلا التسليم، واللجأ إلى المقدر في الفرج، فيرى الرجل المؤمن الحازم يثبت لهذه العظائم، ولا يتغير قلبه، ولا ينطق بالشكوى لسانه.

أوليس الرسول صلى الله عليه وسلم يحتاج أن يقول: "من يؤويني؟ من ينصرني؟ " ١، ويفتقر إلى أن يدخل مكة في جوار كافر٢، ويلقى السلى على ظهره٣، ويقتل أصحابه، ويداري المؤلفة، ويشتد جوعه، وهو ساكن لا يتغير؟! وما ذاك إلا أنه علم أن الدنيا دار ابتلاء، لينظر الله فيها كيف تعملون؟

ومما يهون هذه الأشياء علم العبد بالأجر، وأن ذلك مراد الحق.

................................. ... فما لجرح إذا أرضاكم ألم٤


١ رواه أبو داود "٤٧٣٤"، والترمذي "٢٩٢٥"، وابن ماجه "٢٠١" عن جابر رضي الله عنه.
٢ بجوار المطعم بن عدي.
٣ رواه البخاري "٣٨٥٤"، ومسلم "١٧٩٤" عن ابن مسعود رضي الله عنه، و "السلى" جلدة رقيقة يخرج المولود ملفوفًا به.
٤ عجز بيت لأبي الطيب المتنبي، وصدره: "إن كان سركم ما قال حاسدنَا"، ديوانه ص "٣٢٤".

<<  <   >  >>