للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد مزجوه١ بالكذب، وأدخلوا في المنقولات كل قبيح؛ فإذا وفق الزاهد والواعظ، لم يذكر إلا ما شهدا بصحته. وإن حرما التوفيق، عمل الزاهد بكل حديث يسمعه، لحسن ظنه بالرواة! وقال الواعظ كل شيء يراه، لجهله بالتصحيح! ففسدت أحوال الزاهد، وانحرف عن جادة الهدى، وهو لا يعلم.

وكيف لا، وعموم الأحاديث الدالة على الزهد لا تثبت؟! مثل حديث ابن عمر رضي الله عنه: "أيما امرئ مسلم، اشتهى شهوةً، فرد شهوته، وآثر على نفسه؛ غفر له".

وهذا حديث موضوع٢، يمنع الإنسان ما أبيح له، مما يتقوى به على الطاعة.

ومثل قوله: "من وضع ثيابًا حسانًا ... " ٣. وكذلك ما رووا: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقدم له أدمان، فقال: "أدمان في قدح؟! لا حاجة لي فيه، أكره أن يسألني الله عن فضول الدنيا" ٤. وفي "الصحيح"٥: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل البطيخ بالرطب.

ومثل هذا إذا تتبع كثير٦!

فقد بنوا على فساده، ففسدت أحوال الواعظ والموعوظ؛ لأنه يبني كلامه على أشياء فاسدة ومحالات.

١٠٠٢- ولقد كان جماعة من المتزهدين، يعملون على أحاديث ومنقولات لا تصح، فيضيع زمانهم في غير المشروع، ثم ينكرون على العلماء استعمالهم للمباحات، ويرون أن التجفف هو الدين!


١ أي: الزنادقة وجهلة الصوفية إلا أن الله تعالى هيأ للسنة جهابذة المحدثين، فنفوا عنها كل دخيل.
٢ رواه الدارقطني عن ابن عمر مرفوعًا، وهو موضوع كما قال المؤلف.
٣ مثال للحديث الموضوع.
٤ رواه الطبراني في الأوسط "٧٤٠٠"، والحاكم "٤/ ١٢٢"، وهو موضوع كما ذكر المؤلف قال الذهبي: منكر واهٍ.
٥ الذي في البخاري "٥٤٤٠"، ومسلم "٢٠٤٣" عن عبد الله بن جعفر: كان يأكل القثاء بالرطب. أما أكل البطيخ بالرطب فرواه أبو دواد "٣٨٣٦"، والترمذي "١٨٤٣" عن عائشة رضي الله عنها.
٦ قد جمع المؤلف كتابًا حافلًا في الأحاديث الموضوعة اسمه الموضوعات في الأحاديث المرفوعات، وقد طبع محققًا في الرياض في أربعة أجزاء.

<<  <   >  >>