فأما من لا يبالي أن يرى سكران، ولا يهمه إن شهر بين الناس، ولا يؤلمه ذكر الناس له بالسوء، فذاك في عداد البهائم، وهذا الذي يريد أن يتبع النفس هواها، لا يلتذ، إلا ألا يخاف عنتًا١ولا لومًا، ولا يكون له عرض يحذر عليه، فهو بهيمة في مسلاخ إنسان؛ وإلا فأي عيش لمن شرب الخمر، وأخذ عقيب ذلك، وضرب، وشاع في الناس ما قد فعل به؟! أما يفي ذلك باللذة؟! لا، بل يربو ذلك، وضرب، وشاع في الناس ما قد فعل به؟! أما يفي ذلك باللذة؟! لا، بل يربو عليها أضعافًا. وأي عيش لمن ساكن الكسل: إذا رأى أقرانه قد برزوا في العلم وهو جاهل، أو استغنوا بالتجارة وهو فقير؟! فهل يبقى للالتذاذ بالكسل والراحة معنى؟! ولو تفكر الزاني في الأحدوثة عنه، أو تصور أخذ الحد منه، لكف الكف، غير أنه يرى لذة حاضرة كأنها لمع برق، ويا شؤم ما أعقبت من طول الأسى!
هذا كله في العاجل، فأما الآجل، فمنغصة العذاب دائمة، {وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا}[الشورى: ١٨] .
نسأل الله أنفة من الرذائل، وهمة في طلب الفضائل، إنه قريب مجيب.