١٠٢٤- وما زال العقلاء يظهرون التجلد عند المصائب والفقر والبلاء، لئلا يتحملوا مع النوائب شماتة الأعداء -وإنها الأشد من كل نائبة- وكان فقيرهم يظهر الغنى، ومريضهم يظهر العافية.
١٠٢٥- بلى، ثم نكتة ينبغي التفطن لها: ربما أظهر الإنسان كثرة المال، وسبوغ النعم، فأصابه عدوه بالعين، فلا يفي ما تبجح به بما يلاقي من انعكاس النعمة!
والعين لا تصيب إلا ما يستحسن، ولا يكفي الاستحسان في إصابة العين حتى يكون من حاسد، ولا يكفي ذلك حتى يكون من شرير الطبع، فإذا اجتمعت هذه الصفات، خيف من إصابة العين.
فليكن الإنسان مظهرًا للتجمل مقدار ما يأمن إصابة العين، ويعلم أنه في خير، وليحذر الإفراط في إظهار النعم، فإن العين هناك محذورة.
وقد قال يعقوب لبنيه عليهم السلام:{لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ}[يوسف: ٦٧] ، وإنما خاف عليهم العين. فيلفهم هذا الفصل، فإنه ينفع من له تدبر.