للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رديء الكتابة، فخرج، ولم يعلق إلا بقدر ما يعلق به حساب معاملته، وهذا مثل من فهم بعض الشيء، وفاتته الفصائل التامة.

١٠٣٠- ومنهم: من جود الخط، ولم يتعلم الحساب، وأتقن الآداب حفظًا، غير أنه قاصر في أدب النفس. فهذا يصلح أن يكون كاتبًا للسلطان على مخاطرة، لسوء ما في باطنه من الشره، وقلة التأدب.

١٠٣١- ومنهم من سمت همته إلى المعالي الكاملة، فهو مقدم الصبيان في المكتب، ونائب عن معلمهم، ثم يرتفع عنهم بعزة نفسه، وأدب باطنه، وكمال صناعة الآداب الظاهرة، ولا يزال حاث من باطنه يحثه على تعجيل التعلم، وتحصيل كل فضيلة، لعلمه أن المكتب لا يراد لنفسه، بل لأخذ الأدب منه، والرحلة إلى حالة الرجولية والتصرف، فهو يبادر الزمان في نيل كل فضيلة، فهذا مثل المؤمن الكامل، يسبق الأقران يوم التجاري١، ويعرض لوح عمله، جيد الخط، فيقول لبسان حاله: {هَاؤُمُ اقْرَأوا كِتَابِيَهْ} [الحاقة: ١٩] .

١٠٣٢- وكذلك الدنيا وأهلها: من الناس: هالك بعيد عن الحق، وهم الكفار، ومنهم خاطئ مع قليل من الإيمان، فهو معاقب، والمصير إلى خير، ومنهم سليم؛ لكنه قاصر. ومنهم تام، لكنه بالإضافة إلى من دونه، وهو ناقص بالإضافة إلى من فوقه.

١٠٣٣- فالبدار البدار يا أرباب الفهوم، فإن الدنيا معبر إلى دار إقامة، وسفر إلى "المستقر"، والقرب من السلطان ومجاورته، فتهيئوا للمجالسة، واستعدوا للمخاطبة، وبالغوا في استعمال الأدب، لتصلحوا للقرب من الحضرة، ولا يشغلنكم عن تضمير ٢ الخيل تكاسل، وليحملكم على الجد في ذلك تذكركم يوم السباق، فإن قرب المؤمنين من الخالق على قدر حذرهم في الدنيا، ومنازلهم على قدرهم، فإن قرب المؤمنين من الخالق على قدر حذرهم في الدنيا، ومنازلهم على قدرهم، فما منزل النفاط٣ كمنزل الحاجب، ولا منزل الحاجب، كمكان الوزير "جنتان من


١ في الأصل: التجارير، وهو تصحيف في "أ" التجاريب.
٢ تضمير الخيل: تدريبها على الجري حتى تخف ويذهب شحمها الزائد.
٣ النفاط: الذي يرمي النفط.

<<  <   >  >>