للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إيْش علي مني ... وإيش لي في؟!

وهذا كلام عارفٍ؛ لأنه إن ينظر إلى حقيقة الملكية١، فعبد يتصرف فيه مولاه، فاعتراضه لا وجه له، وإرادته أن يقع غير ما يجب فضول في البين٢. وإن نظر أن النفس كالملك له، فقد خرجت عن يده من يوم: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى} [التوبة: ١١١] ، أفيحسن لمن باع شاة أن يغضب على المشتري إذا ذبحها، أو يتغير قلبه؟!

١٠٦١- والله، لو قال المالك سبحانه: إنما خلقتكم ليستدل على وجودي، ثم أنا أفنيكم، ولا إعادة؛ لكان يجب على النفوس العارفة به أن تقول: سمعًا لما قلت وطاعة، وأي شيء لنا فينا حتى نتكلم؟! فكيف وقد وعد بالأجر الجزيل، والخلود في النعيم الذي لا ينفد؟!

١٠٦٢- لكن طريق الوصول تحتاج إلى صبر على المشقة، وما يبقى لتعب رمل زرود أثر إذا لاح الحرم.

١٠٦٣- فالصبر الصبر يا أقدام المبتدئين! لاح المنزل. والسرور السرور يا متوسطين! ضربت الخيم. والفرح الكامل يا عارفين! قد تلقيتم بالبشائر ...

١٠٦٤- زالت والله أثقال المعاملات عنكم، فكانت معرفتكم بالمبتلي حلاوة أعقبت شربة المجاهدة، فلم يبق في الفم للمر أثر، تخايلوا قرب المناجاة ولذة الحضور، ودوار كؤوس الرضا عنكم، فقد أخذت شمس الدنيا في الأفول:

ما بيننا إلا تصرْ ... رم هذه السبع البواقي ٣

حتى يطول حديثنا ... بصنوف ما كنا نلاقي


١ في الأصل: الملكة، وهو تصحيف.
٢ في البين: في الظاهر.
٣ تصرم: انقضاء، وفي الأصل: "ما بيننا له إلا تصدم".

<<  <   >  >>