عطاءً منه لك؛ فإنه لم يمنعك بخلًا، إنما منعك لطفًا. فرأيته كلام من قد عرف الحقائق.
١٠٦٦- فإن الإنسان قد يريد المستحسنات الفائقات فلا يقدر، وعجزه أصلح له؛ لأنه لو قدر عليهن، تشتت قلبه، إما بحفظهن، أو بالكسب عليهن. فإن قوي عشقه لهن؛ ضاع عمره، وانقلب هم الآخرة إلى الاهتمام بهن. فإن لم يردنه، فذاك الهلاك الأكبر. وإن طلبن نفقة، لم يطقها؛ كان سبب ذهاب مروءته وهلاك عرضه. وإن أردن الوطء، وهو عاجز، فربما أهلكنه أو فجرن. وإن مات مشعوقه، هلك هو أسفًا. فالذي يطلب الفائق يطلب سكينًا لذبحه، وما يعلم.
١٠٦٧- وكذلك إنفاذ قدر القوت؛ فإنه نعمة، وفي "الصحيحين": أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم! اجعل رزق آل محمد قوتًا". ومتى كثر، تشتت الهم. فالعاقل من علم أن الدنيا لم تخلق للتنعيم، فقنع بدفع الوقت على كل حال.