للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٠٧٠- ومما يقطع هذا الاحتجاج أن يقال لهذا القائل: إن الله سبحانه لم يكلفك شيئًا إلا وعندك أدوات ذلك الفعل، ولك قدرة عليه؛ فإن كانت القدرة عليه معدومة، والأدوات غير محصلة، فلا أمر، ولا تكليف.

وإن كنت تسعى بتلك الأدوات في تحصيل غرضك وهواك، فاسع بها في إقامة مفروضك.

١٠٧١- مثال ذلك: أنك تسافر في طلب الربح، وتسأل الحج، فلا تفعل! ويقل عليك الانتباه بالليل، فلو أردت الخروج إلى العيد، انتبهت سحرًا! وتقف في بعض أغراضك مع صديق تحادثه ساعات، فإذا وقفت في الصلاة، استعجلت، وثقل عليك!

١٠٧٢- فإياك إياك أن تتعلق بأمر لا حجة لك فيه! ثم من نصيبك ينقص، ومن حظك يضيع؛ فإنما تحرك لك، وإنما تحرض لنفعك، فبادر، فإنك مبادر بك! ومما يزيل كسلك -إن تأملته- أن تتخايل ثواب المجتهدين، وقد فاتك! ويكفي ذلك في توبيخ المقصر إن كانت له نفس، فأما الميت الهمة، فـ:

.......................... ... ما لجرح بميت إيلام١

١٠٧٣- كيف بك إذا قمت من قبرك، وقد قربت نجائب٢ النجاة لأقوام وتعثرت، وأسرعت أقدام الصالحين على الصراط وتخبطت؟! هيهات! ذهبت حلاوة البطالة، وبقيت مرارة الأسف، ونضب ماء كأس الكسل، وبقي رسول الندامة! وما قدر البقاء في الدنيا بالإضافة إلى دوام الآخرة؟! ثم ما قدر عمرك في الدنيا، ونصفه نوم، وباقيه غفلة؟

١٠٧٤- فيا خاطبًا حور الجنة، وهو لا يملك فلسًا من عزيمةٍ! افتح عين الفكر في ضوء العبر، لعلك تبصر مواقع خطابك! فإن رأيت تثبيطًا من الباطن، فاستغث بعون اللطف، وتنبه في الأسحار، لعلك تتلمح ركب الأرباح! وتعلق على


١ عجز بيت للمتنبي، وصدره: "من يهن يسهل الهوان عليه"، ديوانه ص "١٤٩".
٢ النجائب: كرام الإبل.

<<  <   >  >>