للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن قال: قد ثبت عندي: فواجب عليه أن يتمحل١ لإقامة العذر؛ إلا أن يقف في وجه المعارضة.

١١٠٦- وإنما ينكر هذا من يأخذ الأمر من الشاهد، وقد بينا أن ذات الحق لا كالذوات، وأن صفاته لا كالصفات، وأن أفعاله لا تعلل. ولو تلمح شيئًا من التعليل لخلود الكفار، لبان؛ إذ من الجائز أن يكون دوام تعذيبهم لإظهار صدق الوعيد، فإنه قال: من كفر بي، خلدته في العذاب، ولا جناية كالكفر، ولا عقوبة كدوام الإحراق، فهو يدوم ليظهر صدق الوعيد٢. ومن الجائز أن يكون ذلك لتتمة تنعيم المؤمنين، فإنهم أعداء الكفار، وقد قال سبحانه: {وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} [التوبة: ١٤] ، وكم من قلق في صدر، وحنق على أبي جهل فيما فعل! وكم من غم في قلب عمَّارٍ، وأمه سمية وغيرهم من أفعال الكفار بهم! فدوام عذابهم شقاء لقلوب أهل الإيمان.

ومن الجائز أن يدوم العذاب لدوام الاعتراض، وذكر المعذب بما لا يحسن، فكلما زاد عذابهم، زاد كفرهم واعتراضهم، فهم يعذبون لذلك. ودليل دوام كفرهم: {فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ} [المجادلة: ١٨] ، فإذن كفرهم ما زال، ومعرفتهم به ما حصلت، والشر كامن في البواطن، وعلى ذلك يقع التعذيب: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ} [الأنعام: ٢٨] .


١ يتكلف.
٢ في الأصل: الوعد، وهو تصحيف.

<<  <   >  >>