ولا تقنع مني النفس بربة البيت، إذ قد كبرت. فقلت له: عندي جوابان:
أحدهما: الجواب العامي، وهو أن أقول: ينبغي أن تشتغل بذكر الموت، وما قد توجهت إليه، وتحذر من اشتراء جاريةٍ، لا تقدر على إيفاء حقها، فإنها تبغضك. فإن أجهدت، استعجلت التلف، وإن استبقيت قوتك، غضبت هي، على أنها لا تريد شيخًا كيف كان.
وقد أنشدنا علي بن عبيد الله، قال: أنشدنا محمد التميمي:
أفق يا فؤادي من غرامك واستمع ... مقالة محزون عليك شفيقِ
علقت فتاة قلبها متعلق ... بغيرك، فاستوثقت غير وثيقِ
وأصبحت موثوقًا، وراحت طليقَةً ... فكم بين موثوق وبين طليقِ
فأعلم أنها تعد عليك الأيام، وتطلب منك فضل المال، لتستعد لغيرك، وربما قصدت حتفك، فاحذر! والسلامة في الترك، والاقتناع بما يدفع الزمان.
والجواب الثاني: فإني أقول: لا يخلو أن تكون قادرًا على الوطء في وقت، أو لا تكون.
فإن كنت لا تقدر، فالأولى مصابرة الترك للكل، وإن كان يمكن للحازم أن يداري المرأة بالنفقة، وطيب الخلق، إلا أنه يخاطر.
وإن كنت تقدر في أوقات على ذلك، ورأيت من نفسك توقًا شديدًا، فعليك بالمراهقات، فإنهن ما عرفن النكاح، وما طلبن الوطء، واغمرهن بالإنفاق، وحسن الخلق، مع الاحتياط عليهن، والمنع من مخالطة النسوة، وإذا اتفق وطء، فتصبر عن الإنزال، ريثما تقضي المرأة حاجتها!
واعتمد وعظها وتذكيرها بالآخرة! واذكر لها حكايات العشاق من غير نكاح، وقبح صورة الفعل! والفت قلبها إلى ذكر الصالحين! ولا تخل نفسك من الطيب والتزين، والكياسة، والمداراة، والإنفاق الواسع! فهذا ربما حرك الناقة للمسير، مع خطر السلامة.