للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١١٤٨- وإن وقعت المخالطة للمتزهدين، فأكثرهم على غير الجادة، وعلى خلاف العلم، قد جعلوا لأنفهسم نواميس، فلا يتنسمون١، ولا يخرجون إلى سوق، ويظهرون التخشع الزائد، وكله نفاق، وفيهم من يلبس الصوف تحت ثيابه، وربما لوح بكمه ليرى!

١١٤٩- وقد حكي عن طاهر بن الحسين: أنه قال لبعض المتزهدين: مذ كم قدمت العراق؟ قال: دخلتها منذ عشرين سنةً، وأنا منذ ثلاثين سنةً صائم! قال: سألناك مسألة، فأجبت عن اثنتين.

١١٥٠- وبنت٢ الصوفية أربطة٣، فهي خوارج على المساجد، وهي دكاكين كريهة، يقعد فيها الكسالى عن الكسب مع القدرة عليه، ويتعرضون بالقعود للصدقات، ولأحوال الظلمة، وقد أراحوا أنفسهم من إعادة العلم، وأكثرهم لا يصلي نافلة، ولا يقوم الليل؛ بل همهم٤ المأكول والمشروب والرقص.

وقد اتخذوا سننًا تخالف الشريعة، فهم يلبسون المرقع، لا من فقر، وهذا قبيح؛ لأنه ليس عندهم من أمارات٥ الزهد سوى الملبس الدون، فثيابهم تصيح: نحن زهاد! وباقي أفعالهم المستورة تفضحهم إذا اطلع عليها!! فالمطبخ دائر، والحمام، والحلوى كثيرة، والطيب والدعة والكبر حاصل بذلك الزي!

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لمالك بن نضلة٦ وقد رآه أشعث الهيئة: "أما لك مال؟ ".

قال: بلى، من كل المال آتاني الله عز وجل، قال: "فإن الله عز وجل إذا أنعم على عبد نعمة، أحب أن يرى عليه"٧.

ومن أخلاقهم تنفير الناس عن العلم، ويزعمون ألا حاجة إلى الوسائط، وإنما هو قلب ورب!


١ يتنسمون: يخرجون للتنزه والتفريج عن النفس.
٢ في الأصل: بيوت، وهو تصحيف.
٣ جمع رباط.
٤ في الأصل: يهمهم.
٥ أمارات: علامات.
٦ مالك بن عويف بن نضلة الجشمي، صحابي قليل الحديث.
٧ رواه أبو داود "٢٠٠٦"، والترمذي "٢٠٠٦"، والنسائي "٥٢٣٩"، وأحمد "٣/ ٤٧٦".

<<  <   >  >>