للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والقرب يحصل بالتقبيل والضم، وذلك يقوي المحبة، والمحبة يلذ وجودها، والوطء ينقص المحبة، ويعدم تلك اللذة!! وقد كان العرب يعشقون، ولا يرون وطء المعشوق! قال قائلهم١:

............................ ... إن نكح الحب فَسَدْ

فأما الالتذاذ بنفس الوطء، فشأن البهائم٢.

١١٨٤- ولقد تأملت المراد من الوطء٣، فوجدت فيه معنى عجيبًا يخفى على كثيرٍ من الناس، وهو أن النفس إذا عشقت شخصًا، أحبت القرب منه، فهي تؤثر الضم والمعانقة؛ لأنهما غاية في القرب، ثم تريد قربًا يزيد على هذا، فتقبل الحد. ثم تطلب القرب من الروح، فتقبل الفم؛ لأنه منفذ إلى الروح، ثم تطلب الزيادة، فتمص لسان المحبوب، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوشح عائشة٤، ويقبلها، ويمص لسانها، فإذا طلبت النفس زيادة في القرب إلى النفس، استعملت الوطء. فهذا سره المعنوي، ويحصل منه الالتذاذ الحسي.


١ سبقت الأبيات في الفصل "٢٣٥".
٢ قال المؤلف في الفصل "٢٨": ولما كانت صورة النكاح تأباها النفوس الشريفة من كشف عورة، وملاقاة ما لا يستحسن لنفسه جعلت الشهوة تحث عليه ليحصل المقصود.
٣ قال المؤلف في الفصل "٢٨": تأملت في فوائد النكاح ومعانيه وموضوعه فرأيت الأصل الأكبر في وضعه وجود النسل.
٤ التوشح: المعانقة والتقبيل، انظر: الحديث في نهاية ابن الأثير "وشح".

<<  <   >  >>