للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومع هذا، فالمنهوم كلما عبَّ من لذة؛ طلب أختها، وقد عرف جناية الأولى وخيانتها -وهذا مرض العقل، وداء الطبع- فلا يزال هذا كذلك إلى أن يختطف بالموت، فيلقى على بساط ندم لا يستدرك.

فالعجب ممن همته هكذا مع قصر العمر، ثم لا يهتم بآخرته، التي لذتها سليمة من شائب١، منزهة عن معايب، دائمة إلى الأمد، باقية ببقاء الأبد! وإنما يحصل تقريب هذه بإبعاد تلك، وعمران هذه بتخريب تلك. فوا عجبًا لعاقل حصيف حسن التدبير، فاته النظر في هذه الأحوال، وغفل عن التمييز بين هذين الأمرين!

وإن كانت اللذة معصية، انضم إلى ما ذكرناه: عار الدنيا، والفضيحة بين الخلق، وعقوبة الحدود، وعقاب الآخرة، وغضب الحق سبحانه.

بالله، إن المباحات تشغل عن تحصيل الفضائل، فذم ذلك لبيان الحزم، فكيف بالمحرمات التي هي غاية الرذائل؟!

نسأل الله -عز وجل- يقظة تحركنا إلى منافعنا، وتزعجنا عن خوادعنا، إنه قريب.


١ في الأصل: شامت وهو تصحيف.

<<  <   >  >>