للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فتأملت السبب -مع أن الاعتقاد صحيح، والفعل بطيء- فإذا له ثلاثة أسبابٍ:

أحدها: رؤية الهوى العاجل، فإن رؤيته تشغل عن الفكر فيما يجنيه.

والثاني: التسويف بالتوبة، فلو حضر العقل، لحذر من آفات التأخير، فربما هجم الموت ولم تحصل التوبة! والعجب ممن يجوز سلب روحه قبل مضي ساعة، ولا يعمل على الحرام! غير أن الهوى يطيل الأمد، وقد قال صاحب الشرع صلى الله عليه وسلم: "صل صلاة مودع" ١، وهذا نهاية الدواء لهذا الداء؛ فإنه من ظن أنه لا يبقى إلى صلاة أخرى، جد واجتهد.

والثالث: رجاء الرحمة، فيرى العاصي يقول: ربي رحيم! وينسى أنه شديد العقاب!! ولو علم أن رحمته ليست رقة؛ إذ لو كانت كذلك؛ لما ذبح عصفورًا ولا آلم طفلًا -وعقابه غير مأمون- فإنه شرع قطع اليد الشريفة٢ بسرقة خمسة قراريط٣؛ لجد وأناب، فنسأل الله عز وجل أن يهب لنا حزمًا يبت المصالح جزمًا.


١ رواه ابن ماجه "٤١٧١"، وأحمد "٥/ ٤١٢"، والبخاري في التاريخ "٣/ ٢/ ٢١٦"، وأبو نعيم في "١/ ٣٦٢"، قال الهيثمي: إسناده ضعيف، وله شاهدان أحدهما صحيح رواه الحاكم "٤/ ٣٢٦" وصححه ووافقه الذهبي.
٢ كانت اليد شريفة قبل أن تسرق كما قال أحدهم: لما كانت أمينة كانت ثمينة، ولما خانت هانت.
٣ القيراط = ٠.٢٢٣٢ غ.

<<  <   >  >>