للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحكمة في ابتلائي بفنون البلاء؟! ولو أنه تلمح أنه مالك حكيم، لم يبق إلا التسليم لما خفي.

١٢٧١- ولقد أنس ببديهة العقل خلق من الأكابر١، أولهم إبليس، فإنه رأى تفضيل النار على الطين، فاعترض. ورأينا خلقًا ممن نسب إلى العلم قد زلوا في هذا، واعترضوا، ورأوا أن كثيرًا من الأفعال لا حكمة تحتها. والسبب ما ذكرنا، وهو الأنس بنظر العقل في البديهة والعادات، والقياس على أفعال المخلوقين.

ولو استخرجوا علم العقل الباطن، وهو أنه قد ثبت الكمال للخالق، وانتفت عنه النقائض، وعلم أنه حكيم لا يعبث، لبقي التسليم لما لا يعقل.

١٢٧٢- واعتبر هذا بحال الخضر وموسى عليهما السلام، لما فعل الخضر أشياء تخرج عن العادات أنكر موسى، ونسي إعلامه له بأني أنظر فيما لا تعلمه من العواقب؛ فإذا خفيت مصلحة العواقب على موسى عليه السلام مع مخلوق، فأولى أن يخفى علينا كثير من حكمة الحكيم.

وهذا أصل، إن لم يثبت عند الإنسان؛ أخرجه إلى الاعتراض والكفر، وإن ثبت، استراح عند نزول كل آفة.


١ الأكابر: يعني المتكبرين كما يفهم من السياق.

<<  <   >  >>