للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العقوبة١؟! إنما لو كان مباحًا فتركه، كان فيه ما فيه. ولو فهم؛ لشغله خجل الهمة عن الإذلال، كما قال يوسف عليه السلام: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي} [يوسف: ٥٣] ٢!! والآخر: ترك صبيانه يتضاغون٣ إلى الفجر ليسقي أبويه اللبن، وفي هذا البر أذى للأطفال، ولكن الفهم عزيز٤. وكأنهم لما أحسنوا فيما ظنوا، قال لسان الحال: أعطوهم ما طلبوا؛ فإنهم يطلبون أجرة ما عملوا٥.

١٢٩٨- ولولا عزة الفهم، ما تكبر متكبر على جنسه، ولكان كل كامل خائفًا محتقرًا لعمله، حذرًا من التقصير في شكر ما أنعم عليه، وفهم هذا المشروح ينكس رأس الكبر، ويوجب مساكنة الذل، فتأمله، فإنه أصل عظيم.


١ عن ابن عباس رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله تعالى كتب الحسنات والسيئات، ثم بين ذلك" وفيه: ".. وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة" رواه البخاري "٦٤٩٠"، ومسلم "٣١".
٢ الراجح أن هذا كلام امرأة العزيز، كما يدل على ذلك سياق الآية.
٣ يتضاغون: يتصايحون.
٤ سيسوق المؤلف هذا الحديث، وفيه مدح لفعل هؤلاء في الفصل "٣٨٣" من الملحق.
٥ وهو حديث الشفاعة المشهور رواه البخاري "٣٣٤٠"، ومسلم "١٩٤" عن أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <   >  >>