للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحكم لها بطهارة الرحم، والمحل الذي يباشره الذكر، فيخلق منها الآدمي الموحد.

فما جاء هذا الشخص إلا بأغلى الغلاء، وبعد عجائب أشرنا إليها، لا أنا عددناها!!

١٣٩٥- أفمن فهم هذا يحسن منه أن يبدد تلك النطفة في حرام؟ أو أن يطأ في محل نجس فتضيع؟! فكم يتعلق بالزنا من محن لا يفي معشار عشرها بلذة لحظة! منها: هتك العرض بين الناس، وكشف العورات المحرمة، وخيانة الأخ المسلم في زوجته إن كانت متزوجة، وفضيحة المزني بها، وهي كأخت له أو بنت.

فإن علقت منه ولها زوج، ألحقته بذلك الزوج، وكان هذا الزاني سببًا في ميراث من لا يستحق، ومنع من يستحق، ثم يتسلسل ذلك من ولد إلى ولد.

وأما سخط الحق سبحانه، فمعلوم: قال تعالى: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً} [الإسراء: ٣٢] ، وقال صلى الله عليه وسلم: "ما من ذنب بعد الشرك أعظم عند الله تعالى من نطفة وضعها رجل في رحم لا تحل له" ١.

١٣٩٦- ومن له فهم؛ فهو يعلم أن المراد من النطفة إيجاد الموحدين، ولولا تركيب الشهوة، لم يقع الوطء؛ لأنه التقاء عضوين غير مستحسنين، ولا صورتهما حسنة، ولا ريحهما طيب؛ وإنما الشهوة تغطي عين الناظر، ليحصل الولد أصلًا، فهي عارض. فمن طلب الشهوة، ونسي جنايته بالزنا، فما رأى الأشياء على ما هي٢. وقس على هذا المطعم والمشرب، وجمع المال غير ذلك.


١ رواه ابن أبي الدنيا، وفي سنده بقية "ضعيف".
٢ لذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، والتوبة معروضة بعد" رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <   >  >>