للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالمصالح، أو؛ لأن المراد منه الصبر أو الإيمان؛ فإنه لم يحكم عليه بذلك إلا وهو يريد من القلب التسليم، لينظر كيف صبره، أو يريد كثرة اللجأ والدعاء.

١٤٢٤- فأما من يريد تعجيل الإجابة، ويتذمر إن لم تتعجل، فذاك ضعيف الإيمان، ويرى أن له حقًّا في الإجابة، وكأنه يتقاضى أجرة عمله.

١٤٢٥- أما سمعت قصة يعقوب عليه السلام، بقي ثمانين سنة في البلاء، ورجاؤه لا يتغير، فلما ضم إلى فقد يوسف فقد بنيامين؛ لم يتغير أمله، وقال: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا} [يوسف: ٨٣] ؟.

١٤٢٦- وقد كشف هذا المعنى قوله تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة ٢١٤] .

ومعلوم أن هذا لا يصدر من الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين إلا بعد طول البلاء، وقرب اليأس من الفرج. ومن هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لايزال العبد بخير ما لم يستعجل"، قيل له: وما يستعجل؟ قال: "يقول: دعوت فلم يستجب لي".

فإياك إياك أن تستطيل زمان البلاء، وتضجر من كثرة الدعاء؛ فإنك مبتلى بالبلاء، متعبد بالصبر والدعاء، ولا تيأس من روح الله، وإن طال البلاء.

<<  <   >  >>