للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٤٩٩- فترى في الناس من يتزهد، وقد ربي جسده على الترف، فيعرض عما ألفه، فتجد له الأمراض، فتقطعه عن كثير من العبادات، وقد قيل: عودوا كل بدن ما اعتاد! وقد قرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ضب، فقال: "أجدني أعافه؛ لأنه ليس بأرض قومي" ١.

١٥٠٠- وفي حديث الهجرة: أن أبا بكر رضي الله عنه طلب لرسول الله صلى الله عليه وسلم الظل، وفرش له فروة، وصب على القدح الذي فيه اللبن ماء حتى برد.

١٥٠١- وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم على قوم، فقال: "إن كان عندكم ماء بات في شن؛ وإلا كرعنا". وكان صلى الله عليه وسلم يأكل لحم الدجاج. وفي "الصحيح": أنه كان يحب الحلوى والعسل. وكان إذا لم يقدر، أكل ما حضر.

١٥٠٢- ولعمري، إن في العرب وأهل السواد٢ من لا يؤثر عنده التخشن في المطعم والملبس، وذاك إذا جرى بعد توبته على عادته؛ لم يستضر. فأما من قد ألف اللطف؛ فإنه إذا غير حالته، تغير بدنه، وقلت عبادته.

١٥٠٣- وقد كان الحسن٣ يديم أكل اللحم، ويقول: لا رغيفي مالك٤، ولا صحني فرقد٥.

١٥٠٤- وكان ابن سيرين لا يخلي منزله من حلوى. وكان سفيان الثوري يسافر، وفي سفرته الحمل المشوي والفالوذج. وقالت رابعة: ما أرى لبدن يراد به العمل لله إذا أكل الفالوذج عيبًا.

فمن ألف الترف؛ فينبغي أن يتطلف بنفسه إذا أمكنه.

١٥٠٥- وقد عرفت هذا من نفسي، فإني ربيت في ترف، فلما ابتدأت في التقلل وهجر المشتهى، أثر معي مرضًا، قطعني عن كثير من التعبد، حتى إني قرأت


١ رواه البخاري "٥٥٣٧"، ومسلم "١٩٤٦" عن ابن عباس رضي الله عنه.
٢ جنوب العراق: وحده من حديثة الموصل إلى عبادان طولًا، ومن العذيب بالقادسية إلى حلوان عرضًا، وسمي سوادًا لخضرته.
٣ هو البصري.
٤ مالك بن دينار.
٥ فرقد السبخي.

<<  <   >  >>