١٦٢٩- وقد كان السلف إذا نشأ لأحدهم ولد؛ شغلوه بحفظ القرآن وسماع الحديث، فيثبت الإيمان في قلبه؛ فقد توانى الناس عن هذا، فصار الولد الفطن يتشاغل بعلوم الأوائل، وينبذ أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، ويقول: أخبار آحاد! وأصحاب الحديث عندهم يسمون: حشويَّةً!!
١٦٣٠- ويعتقد هؤلاء أن العلم الدقيق علم الطفرة والهيولى، والجزء الذي لا يتجزأ، ثم يتصاعدون إلى الكلام في صفات الخالق، فيدفعون ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بواقعاتهم. فيقول المعتزلة: إن الله لا يرى؛ لأن المرئي يكون في جهة، ويخالفون قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنكم ترون ربكم كما ترون القمر، لا تضامون في رؤيته" ١؛ فأوجب هذا الحديث إيثار رؤيته، وإن عجزنا عن فهم كيفيتها.
١٦٣١- وقد عزل هؤلاء الأغبياء عن التشاغل بالقرآن، وقالوا: مخلوق! فزالت حرمته من القلوب. وعن السنة، وقالوا: أخباره آحاد! وإنما مذاهبهم السرقة من بقراط وجالينوس. وقد استفاد من تبع الفلاسفة أنه يرفه نفسه عن تعب الصلاة والصوم!
١٦٣٢- وقد كان كبار العلماء يذمون علم الكلام، حتى قال الشافعي: حكمي فيهم أن يركبوا على البغال، ويشهروا، ويقال: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة، واشتغل بالكلام. وقد آل بهم الأمر إلى أن اعتقدوا أن من لم يعرف تحرير دليل التوحيد فليس بمسلم!!
فالله الله من مخالطة المبتدعة، وعليكم بالكتاب والسنة، ترشدوا.
١ رواه البخاري "٥٧٢" ومسلم "٦٣٣" عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه.