حالها إِلَيْهِ، ثمَّ أُحضرت إِلَيْهِ، فعرفته عَلَى جواريه، فأمرها بوضع مَحضَر تزكية لها، وبأخذ فِيهِ خطوط من استولى لها من الشهود، ففعلت ذَلكَ، وشهِد لها فِيهِ أَبُو الْحُسَيْن. . . . . .، وأبو الْحُسَيْن بْن مالك بْن سَعِيد، وأتته بِهِ، فأمر بإحضار قاضي القُضاة، وأجرى عَلَيْهِ المكروه قولًا وفِعلًا عَلَى ما فعل ووكَّل بِهِ بمائة دينار فِي كلّ يوم، وأمر بحمل ما عنده من المال الَّذِي أخذه فِي أيَّام ولايته الحُكم، وهو يشتمل عَلَى جُملة كثيرة لأن كَانَ لَهُ على ما ذكر خمسون ألف دينار فِي السنة، وكان أقام مُنذ وِلايته إلى أن كانت هذه القِصَّة أربع سنين وثمانية أشهُر وأيَّامًا، ثمَّ قبض عَلَى الأربعة الشهود، فجرى عليهم المكروه، وطُرِحوا المُطبَق، ويُذكر أن الشريف منهم هرب وطُلب، ولم يصِحّ هرَبه بل هُوَ معهم معتقِل، وخلع عَلَى الشاهدَين للذَين شهِدا لها، وأفرج للمرأَة عَنْ مالها، وأطلق سبيلها، وأقام التوكيل عَلَى القاضي أيَّامًا يزِن فِي كل يوم مائة دينار وابنه يحكم عِوَضه، ثمَّ أطلق سبيله، ورجع إلى الحكم، وأسقط الشهود، وأن ابن الزَّلبانيّ الشاهد كَانَ المُصلّي للفرض فِي جامع الأسفل، فاستبدل بِهِ، وجرى لَهُ أيضًا.
وذكر أنّه ممَّا جرى أيضًا فِي هذه المدَّة عَلَى ما اتّصل بنا بعَقِيب هذه القضيَّة، أن الشريف فخر الدولة أَبَا يَعلى حَمزة بْن الْحَسَن بْن الْعَبَّاس بن أَبِي الجنّ الَّذِي كَانَ بدِمَشْق دخل إلى مِصر مُنذ مُدَّة، فقال للحضرة: إن أَذِنَت لي الحضرة بمسيري إلى الشام كفيتهم حال ما يُحمل إلى الشام من المال.
وكان مال الشام يقوم بِهِ ويوجّه إلى الأمير منتجب الدولة بدخل، فوعد أن ينظر فِي ذَلكَ، فحكى أن قاضي القُضاة كَانَ حاضرًا، فأجرى الحديث فِي داره، وكان لَهُ حاجب يُعرف بالترحوم، فكتب بالحال إلى صديق لَهُ بدِمَشق، فأَخذه، وأَوراه للأمير قائد الجُيوش الدِّزِبريّ، فأخذه وأنفذه فِي كتابه إلى الحضرة، فقُبض عَلَى كاتب الكُتَّاب حاجب القاضي، وضُرب بالسياط، وسُجن، ووثب القاضي أيضًا عَلَى ذَلكَ إذ سمِع شيئًا وأخرجه.