وبويع هارُون بْن محمد الرشيد، فأَقرَّ عليّ بْن سُلَيْمَان عَلَيْهِا، وأظهر عليّ بن سُلَيْمَان فِي ولايته عليها: الأمر بالمعروف، والنهي عَن المُنكَر، والخُمور، وهدم الكنائس المحدثة بمصر، فهدم كنيسة مريم الملاصقة لأبي شنودة، وهدم كنائس محرس قسطنطين، وبذل له خمسون ألف دينار في تركها، فامتنع وكان كثير الصدقة في الليل، وكان أهل مصر مع هذا يرمونه بالقدر، وذلك ومنَع الملاهي أنَّه استخلص رَجُلَين مُتْهَمَين بالقَدَر، وهما عَبْد الحَمِيد بْن كَعْب بْن عَلْقَمَة التنُوخيّ، وهَرِم بْن سُلَيم بْن عِياض العامريّ من قُريش.
وقال يحيى بْن عثمان بْن صالح: قدِم إِدرِيس بْن عبد الله بْن حسن بن حسن إلى مِصر وعليّ بْن سُلَيْمَان عليها، فعلِم بمكانه ولقِيَه سرًّا، فسأله بالله والرَّحِم إِلَّا ستر عَلَيْهِ، فإِنَّه خارج إلى المغرب، فستر عَلَيْهِ، وأظهر عليّ بن سُلَيْمَان أنَّه تصلح لَهُ الخِلافة وطمِع فيها، فسخِط عَلَيْهِ هارون، فعزله عَنْهَا يوم الجمعة لأربع بقينَ من ربيع الأوَّل سنة إحدى وسبعين ومائة.
مُوسَى بْن عيسى بْن مُوسَى العبَّاسيّ
ثمَّ ولِيَها مُوسَى بْن عيسى بْن مُوسَى بْن محمد من قِبَل أمير المؤمنين هارون الرشيد عَلَى صلاتها فجعل عَلَى شُرَطه أخاه إسماعيل بْن عيسى، فسخِط ذَلكَ، فعزله وولَّى عَسَّامة بْن عمرو، ثمَّ أَذِن مُوسَى بْن عيسى للنصارى فِي بُنْيان الكنائس التي هدمها عليّ بْن سُليمان، فبُنيت كلّها بمشْوَرة الليث بْن سعد، وعبد اللَّه بْن لَهِيعة، وقالا: هُوَ من عِمارة البِلاد.
واحتجَّا أن عامة الكنائس التي بِمصر لم تُبْنَ إلَّا فِي الْإِسْلَام فِي زمَن الصحابة والتابعين.
ثمَّ صُرف مُوسَى عَنْهَا يوم السبت لأربع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان سنة