ومائتين، وهو والٍ عليها ودُفن بها، كانت وِلايته عليها خمس سنين وشهرين ونصفًا، منها سبعة أشهُر وعشرين يومًا انتزى فيها ابن الخليج، وقام بالأمر من بعده ابنه أَبُو الفتح محمد بْن عيسى النُّوشَرِي.
أَبُو منصور تكِين
ثمَّ ولِيَها أَبُو منصور تكين من قِبَل المُقتدِر بالله أمير المؤمنين عَلَى صلاتها، دُعِي لَهُ بها يوم الجمعة لإحدى عشرة خلت من شوَّال سنة سبع وتسعين، فأقرّ محمد بْن طاهر عَلَى الشُّرَط وتقدَّم إلى تكين فِي الجِدّ فِي أمر المغرب والاحتراس منه، فعقد لأبي النَّمِر أحمد بْن صالح من الأبناء عَلَى بَرْقة، وبعث معه بجيش فِيهِ جمع كثير، فسار إليها أَبُو النَّمِر، فدخلها واشتدّ سُلطانه بها، وفرض بها فروضًا من البَرْبَر وغيرهم، وخرج منها حتى بلغ سُرْت وحسُن أمره فِي وِلايته، فبعث إِلَيْهِ صاحب تُوزن بحبَاسة بْن يوسف رجُل من البَرْبَر من كُتامة، فكان مواقفًا لَهُ، قد انتصف كلّ واحد منهما وامتنع من صاحبه، وعزم تَكِين عَلَى صرف أَبِي النَّمِر أحمد بْن صالح عمَّا يتولَّاه ببَرْقة، وعقد عليها لخير المنصوريّ، وبلغ حبَاسة خبره، فبعث إلى أَبِي النَّمر وهو مُوافقه: ما الَّذِي يحمِلك عَلَى حربنا وأنت معزول.
فبعث إِلَيْهِ بكتاب ورد عليه من مصر بذلك، فانصرف أَبُو النَّمِر إلى بَرْقَة وتبِعه حباسة، ثمَّ رحل أَبُو النَّمِر من بَرْقَة يُريد مِصر، ونزل حَباسة عليها، وخرج خير المنصوريّ إلى بَرْقَة ومعه عَبْد العزيز بْن كُلَيب الجرَشيّ، فوقع بينهما تشاجر، فنفِس كلّ واحد منهما الوِلاية عَلَى صاحبه وتجافَيا، فظفر بهما حَباسة وهزمهما جميعًا، وانصرفا إلى مِصر منهزمَيْن، وكتب تكِين كِتابًا إلى صاحب إِفريقيَّة عَلَى لِسان أمير المؤمنين المُقتدِر يدعوه فِيهِ إلى الطاعة والتمسُّك بها، وجمع وجوه أهل مِصر، فقرأه عليهم،