ثمَّ ولِيَها عَنْبَسة بْن إِسحاق من قِبَل المُنتصِر عَلَى صلاتها وجُعل شريكًا لأحمد بْن خَالِد صاحب الخَراج، قدِمها يوم السبت لخمس خلونَ من ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين ومائتين فجعل عَلَى شُرَطه أَبَا أحمد القُمّيّ محمد بْن عبد الله، وأخذ عَنْبَسة العُمَّال بردّ المظالم وأقامهم للناس، وأَنصف منهم، وظهر بالحَوف من العدل ما لم يُسمع بِمثله فِي زمانه، وكان يروح إلى المسجد ماشيًا من العسكر، وكان ينادي فِي شهر رمضان بالسَّحور، وكان مشهورًا بمذهب الخوارج.
وفي وِلايته نزلت الرُّوم دِمياط يوم عَرفة سنة ثمان وثلاثين ومائتين، فملكوها وما فيها، وقتلوا بها جمعًا كثيرًا من المسلمين، وسُبي النساء والأطفال وأهل الدِّمَّة، فنفر إليهم عَنْبَسة بْن إِسْحَاق، فغشيَ فِي جيشه، ونفَر كثير من الناس إليهم لم يُدركوهم، ومضى الرُّوم إلى تِنّيس، فأقاموا بأُشْتُومها، فلم يتبَعهم عَنْبَسة.