يزل واليًا إلى سنة ثلاث وثمانين، فلمَّا قُتل خُمارَوَيْه بْن أحمد وكان قتله بدِمَشْق سنة اثنتين وثمانين ومائتين واستخلف ابنه حَبيْش، فكان أَبُو عُبَيْد اللَّه ينظر فِي الأحكام إلى أن خُلع جَيْش، وولِيَ هارون أخوه فِي جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانين ومائتين، فتغيّب ابن عَبْدة، فأقام لا يُعرف لَهُ موضِع، وبقِيَت مِصر بغير قاضٍ، ولم يُهَجْ أصحابه بشيء من الأَذى، ويقال: أنَّه استتر فِي داره التي ابتناها، فلم يُطلب ولم يُكشف عَنْهُ.
فكان مدَّة نظره فِي الحُكم إلى أن سجن نفسه ستّ سنين وسبعة أشهُر، فولِيَها إلى أن صُرف عَنْهَا يوم الأحد لسبع بقِينَ من جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانين ومائتين، وجُعل أمر المظالم إلى ابن طُغان.
أَبُو زُرعة محمد بْن عثمان.
أخبرنا محمد بْن الربيع، قَالَ: ثمَّ ولَّى هارون أَبَا زُرعة محمد بْن عثمان الدِّمَشْقيّ قضاء مِصر، وفِلَسطين، والأُرْدُنّ، ودِمَشْق، وغيرهما فأقام بِمصر وكانت وِلايته فِي سنة أربع وثمانين ومائتين، وكان عفيفًا عَنْ أموال الناس، فلم يزل واليًا حتى قُتل هارون بْن خُمارَوَيْه، ودخل مصر بْن سُلَيْمَان رسولًا من عند الخليفة فِي جموع كثيرة، فولِيَ مِصر وكان ذَلكَ يوم الخميس آخر يوم من صفر سنة اثنتين وتسعين ومائتين، وركِب محمد بْن عَبْدة إِلَيْهِ يوم السبت، ثمَّ رجع من مُعسكره إلى داره وسلَّم عَلَيْهِ الناس وهنَّئُوه بالسلامة، وعزل أَبَا زُرعة يوم الخميس من ربيع الأوَّل سنة اثنتين وتسعين ومائتين.
محمد بْن عبْدة الثانية
ثمَّ خلع محمد بْن سُلَيْمَان عَلَى أَبِي عُبَيْد اللَّه محمد بْن عَبْدة يوم الخميس لأيَّام خلت من ربيع الأوَّل سنة اثنتين وتسعين ومائتين، وولَّاه القضاء والمظالم.
وجلس للناس يوم السبت لسبع خلونَ من ربيع الأوَّل سنة اثنتين وتسعين ومائتين، ولم يزَلْ واليًا إلى يوم