قَالَ لي: قد قِيلَ لي أن لك أخًا صالحًا، فلو استعنت بِهِ فِي هذا الأمر كما أستعين أَنَا بأخي هذا فيما أَنَا فِيهِ.
فرفع رأسه إلى رجُل قائم، وإذا هُوَ المُعتصِم، فقلت لَهُ: إنَّه أضعف ممَّا يظنّ أمير المؤمنين.
ثمَّ قلت لَهُ مُستعطِفًا لَهُ: إنَّ لي يا أمير المؤمنين حُرمةً.
قَالَ: وأيّ حُرمة لَهُ؟ قلتُ: سمَاعي معه العِلم من أَبِي بَكْر بْن عيَّاش، وعيسى بْن يُونُس، ومحمد بْن الْحَسَن.
فقال: وأين كنت تسمع؟ قلت: فِي دار الرشيد.
قَالَ: وكيف كنت أنت تدخل دار الرشيد؟ قلت: بأبي.
قَالَ: ومن أبوك؟ قلت: مَعْبَد بْن شدّاد.
فأطرق مليًّا، ثمَّ رفع رأسه، فقال: إن مَعْبَدًا كَانَ من طاعتنا عَلَى غاية فَلِمَ لا تكون مِثله "
هارون بْن عبد الله
ثمَّ ولِيَ القضاء بها هارون بْن عبد الله من قِبَل المأمون، قدِم مِصر يوم الأحد لأربع عشرة خلت من شهر رمضان سنة سبع عشرة ومائتين، وجلس فِي المسجِد الجامع يوم السبت لعشر بقينَ من شهر رمضان.
حَدَّثَنَا محمد بْن يوسف، قَالَ: أخبرني ابن قُدَيد، عَنْ كتاب يحيى بْن عثمان، قَالَ:«قدِم هارون بْن عبد الله سنة سبع عشرة، فجعل مجلسه فِي الشِّتاء فِي مُقدَّم المسجِد واستدبر القبلة وأسند ظهره بجِدار المسجِد، ومنع المُصلّين أن يقربوا منه، وباعد كُتَّابه عَنْهُ، وباعد الخُصوم. . . . . . . . .، وكان أوّل من فعل ذَلكَ، واتّخذ مجلِسًا للصيف فِي صحن المسجِد، وأسند ظهره للحائط الغربيّ»
حَدَّثَنَا محمد بْن يوسف، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سلَمة، عَنْ يحيى بْن عثمان، قَالَ: " لمَّا قدِم هارون بْن عبد الله إلى مِصر لم يُبق شيئًا من أمور القضاء حتى شاهده بنفسه وحضره مَعَ أهل مِصر، فمنها أَنَّهُ لم يتخلَّف عَنْ حُبس بِمصر يتولَّاه القُضاة حتَّى وقف عَلَى غَلّته