فوعدهم ذَلكَ، ثمَّ خرج إليها، فعسكر بها للنصف من صفر سنة سبع وثلاثمائة فِي طائفة يسيرة.
وقدِم الْحُسَيْن بْن أحمد الماذَرائي واليًا عَلَى خَراجها فِي صفر، فخرج إلى الجِيزة ووضع العطاء بها، وجدّ ذَكا فِي أمر الحرب، وأمر ببناء الحِصن عَلَى الجِسر الغربيّ بالجِيزة ملاصِق مسجِد هَمْدان، واحتفر خَنْدقًا خندق بِهِ عَلَى عسكره وعلى الجِيزة وذلك فِي صفر سنة سبع، وعزل وصِيف الكاتب عَن الشُّرَط يوم الإثنين لخمس بقين من صفر، وردّ محمد بن طاهر مكانه، ثمَّ مرِض ذَكا وهو مقيم عَلَى مصافّه بالجِيزة، وتُوفّي بها عشيَّة الأربعاء لإحدى عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الآخِر سنة سبع، ودُفن فِي مقبُرة الفُسطاط، فكانت إِمرته عليها أربع سنين وشهرًا.
أَبُو منصور تَكِين الثانية
ثمَّ ولِيَها أَبُو منصور تكِين الثانية من قِبَل المُقتَدِر بالله عَلَى صلاتها، فتسلَّم لَهُ خليفته، وقد حضر أَبُو قابوس محمود بْن حمك يوم الأحد لثمان خلونَ من ربيع الأوَّل ونزل الجِيزة، وقدِم إبراهيم بْن كَيْغَلَغ يوم الثلاثاء لسبع بقينَ من ربيع الآخر، ودخل تَكِين واليًا عليها يوم الخميس لإحدى عشرة خلت من شعبان سنة سبع ونزل الجِيزة، وحفر خَنْدَقًا ثانيًا، وجعل عَلَى شُرَطه محمد بْن طاهر، وأقبلت مراكب صاحب إفرِيقيَّة قاصدةً إلى الإسكندريَّة عليها سُلَيْمَان الخادم، فبعث ثمل الخادم صاحب مراكب طُرْسُوس، فأتى فِي مراكبه إلى رشِيد، فلقِي سُلَيْمَان الخادم لعشر بقِينَ من شوَّال سنة سبع وثلاثمائة، فاقتتلوا وبعث اللَّه الربح عَلَى مراكب سُلَيْمَان، فألقتها إلى البرّ فتكسَّرت، وأُخذ مَن فيها أَخذًا باليد وأسرهم ثمل، وقتل منهم خلقًا كثيرًا واستأمن إِلَيْهِ من بقِيَ، ودخل بهم الفُسطاط، فأنزلهم المَقْس يوم الإثنين لأربع بقِينَ من شوَّال سنة سبع، ومعه سُلَيْمَان الخادم وكلّ رئيس كَانَ فِي تِلْكَ المراكب، فأمر تَكِين بتمييز الأُسارى، فأطلق أهل القَيْرَوان، وطَرابُلُس، وبَرْقَة، وصِقِليَّة، وميّز كُتامة وزَوِيلة ناحيةً، ثمَّ أَذِن للناس فِي قتلهم، فقتلهم الجُند والرعيَّة، كانت عِدَّة القتلى سبعمائة أو نحو ذَلكَ، ودخل ثمل الفُسطاط ومعه سُلَيْمَان فطيف بِهِ مقيَّدًا، وبرُؤَساء المراكب وهم مائة وسبعة عشر وذلك يوم الثلاثاء لثلاث بقِينَ من شوَّال.