وأقبل مُؤنِس الخادم إلى مِصر، دخلها يوم الخميس لخمس خلونَ من المحرَّم سنة ثمان وثلاثمائة، فنزل الجِيزة، فعسكر بها وكان فِي نحو من ثلاثة آلاف، فبعث بإبراهيم بْن كَيْغَلَغ إلى جزيرة الأُشمُونَيْن، وكان بها، وأقبل عبد الرحمن بن صاحب إِفريقيَّة من الإسكندريَّة إلى الفَيُّوم، فنزلها ومات إبراهيم بْن كَيْغلَغ بالبَهْنَسي مُستَهلّ ذي القعدة سنة ثمان وثلاثمائة، وظهر تكين عَلَى جمع تعاقدوا بالفُسطاط عَلَى الخُروج ليلة الختم من شهر رمضان، فيهم: ابن المَدِينيّ القاصّ، ونفَر معه، فهرب ابن المدِينيّ، ثمَّ ظفِر بِهِ فِي دار إسرائيل، فأخذه وملكت البَرْبَر جزيرة الأُشمُونَيْن كلّها مَعَ الفَيُّوم، وأزالوا عَنْهَا جُند بن كَيْغَلَغ، ثمَّ دخل جنيّ الخادم المعروف بالصَّفْوانيّ إلى الفُسطاط سلخ ذي الحجَّة، فعسكر بالجِيزة، وبعث مُؤنِس بأَبي قابُوس محمود بْن حمك إلى ذات الصفا من الفَيُّوم، فقتل نفَرًا من البَرْبَر وغنم غنائمَ، ثمَّ انصرف إلى الجِيزة سنة تسع وثلاثمائة.
ومضى ثمل الخادم فِي مراكبه إلى إِسْكندريَّة وبها ابن بعله أميرًا عليها، ثم ظفِر بهم ثمل وهرب ابن بعله، ودخل ثمل الإسكندريَّة، فنفى أهلها إلى رَشِيد وذلك فِي المحرَّم سنة تسع وثلاثمائة، ورجع ثمل إلى الفُسطاط، فمضى فِي مراكبه إلى اللاهُون، وسار مُؤِنس وتَكِين فِي عسكرهما وعلى مقدَّمتها جنيّ الصَّفْوانيّ يوم الخميس لثمان عشرة خلت من صفر سنة تسع، فدخلوا مدينة الفَيُّوم، ومضى ابن صاحب إِفرِيقيَّة إلى تَهْنَمت وأَقْنَى، ثمَّ مضى هاربًا إلى بَرْقَة ولم يكن بينهم لِقاء، فرجع مُؤِنس وتِكَين إلى الجِيزة يوم السبت لأربع خلونَ من ربيع الأوَّل سنة تسع.
وصُرف تِكِين عَنْ مِصر يوم الأحد لثلاث عشرة خلت من ربيع الأوَّل سنة تسع وثلاثمائة، وولَّى مُؤِنس عليها أَبَا قابُوس محمود بْن حمك، فأقام عليها أيَّامًا، ثمَّ ردّ تَكِين عليها يوم الجمعة لخمس بقينَ من ربيع الأوَّل، فأَقام أربعة أيَّام، ثمَّ صرف تَكِين عَنْهَا سلخ ربيع الأول، وأَمره مُؤنِس بالخروج عَنْهَا إلى الشام، فخرج فِي أربعة آلاف من أهل الديوان.