بوِلايته عليها يوم الأحد لسبع خلون من شهر رمضان سنة إحدى وعشرين، ودُعي لَهُ بها وهو إذ ذاك مُقيم بدِمَشْق، فكانت وِلايته عليها اثنين وثلاثين يومًا ولم يدخلها.
أحمد بْن كَيْغَلَغ الثانية
ثمَّ ولِيَها أحمد بْن كَيْغَلَغ وِلايته الثانية عليها من قِبَل القاهر بالله، قدم الرَّسُول بذلك يوم الخميس لسبع من شوَّال سنة إحدى وعشرين واستخلف أَبَا الفتح محمد بْن عيسى النُّوشَري، فأقرّ بجكَم الأَعور عَلَى الشُّرَط، وشغب الجُند فِي طلَب أرزاقهم عَلَى محمد بْن عليّ الماذَرائيّ صاحب الخَراج، فاستتر منهم، فأحرقوا داره ودُور أهله، وصرف بجكم عَن الشُّرَط وجعل مكانه الحُسين بْن مَعقِل يوم الأحد لأربع بقِينَ من شوَّال سنة إحدى وعشرين، فردَّه محمد بْن عليّ الماذَرائيّ إلى الشرط، فحارب الجُند بجكم بالجزيرة والجِيزة، فانهزم منهم، وعاد ابن مَعقِل إلى الشُّرَط، ثمَّ نزع الشيطان بين الجُند فتفرَّقوا فِرقتين، فكان عَلَى أهل الشرق منهم حبكويه، وعلى المَغاربة حَبَشيّ بْن أحمد، واجتمعت كل فِرقة عَلَى قتال الأُخرى، فالتقّوا يوم الثلاثاء لخمس خلونَ من ذي الحجَّة سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة عند المُصلَّى الجديد، فاقتتلوا، فقُتِل من المَغاربة نحو من أربعين رجُلًا، وانهزم المَغاربة، فلجأَ أكثرهم إلى الجِيزة، وتبِعهم حَبَشيّ بْن أحمد بعسكر فيهم، ثمَّ سار بهم إلى الصعيد، فنزل سُيُوط، ثمَّ عاد حَبَشيّ فِي المَغاربة إلى الجيزة سلخ صفر سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة، فخرج إِلَيْهِ من كَانَ بالفُسطاط من الجُند، فعسكروا بالجِيزة مستهلّ ربيع الأوَّل سنة اثنتين وعشرين، ومضى قوم من أهل مِصر إلى حَبَشيّ، فسأَلوه الصُّلح وجمع كل منهم إِلَيْهِ، فالتقّوا يوم الثلاثاء لثمان خلونَ من ربيع الأوَّل سنة اثنتين وعشرين بالجِيزة، فتوافقوا وجرى بينهم الصُّلح، فكرِه ذَلكَ حبكويه، فانضمّ فِي أصحابه إلى الجِيزة، وأقام الآخرون فِي الجزيرة، فبينا هُمْ فِي ذَلكَ أتاهم محمد بْن تَكِين من فِلَسطين، فصبَّحهم يوم الأحد لثلاث عشرة خلت من ربيع الأوَّل سنة اثنتين وعشرين، فنزل الجزيرة مَعَ الجُند، وأظهر كتابًا بوِلايته، فأنكر ذَلكَ أَبُو بَكْر محمد بْن عليّ الماذَرائيّ، وبعث محمد بْن تَكِين إلى حَبَشيّ ومن معه يأمرهم بالدخول فِي طاعته، والانقياد إِلَيْهِ، فأَبَوا ذَلكَ.