وخرج ذَكا إلى الإسكندريَّة بعد خروج مُؤنِس، وخرج القاسم بْن سِيما إلى الشام لأربع عشرة خلت من المحرَّم سنة أربع وثلاثمائة، وقدِم ذَكا من الإِسكندريَّة إلى الفُسطاط لثمان خلونَ من ربيع الأوَّل سنة أربع وثلاثمائة وجعل عَلَى الإِسكندريَّة ابنه مُظفَّر بْن ذَكا.
وتتَّبع ذَكا كل من يُوما إِلَيْهِ بمكاتبَة صاحب إِفريقيَّة، فسجن كثيرًا منهم، وقطع أَيدي قوم وأرجُلهم، وجلا أهل لُوبِية ومَراقِية إلى الإسكندريَّة فِي شوَّال سنة أربع وثلاثمائة خوفًا من أتى مديني صاحب بَرْقَة، فبعث ذَكا بجمع من القُوَّاد مرّةً بعد أخرى إلى الإسكندريَّة.
وفسد ما بين ذَكا وبين الرعيَّة، وذلك أن الرعيَّة كتبوا عَلَى أبواب المسجد الجامع، ذِكر الصحابة والقُرآن فرضِيَه جمع من الناس وكرِهه آخرون، وكان محمد بْن طاهر صاحب الشُّرَط مُعينًا لأهل المسجِد والرعيَّة عَلَى ذَلكَ، فاجتمع الناس لأربع عشرة خلت من رمضان سنة خمس وثلاثمائة إلى دار ذَكا بالمُصلَّى القديم يتشكَّرونه عَلَى ما أذِن لهم فِيهِ، فوثب الجُند بالناس، وحرَّضهم عَلَى ذَلكَ محمد بْن إسماعيل بْن مُخلَّد، فنُهِب قوم وجُرج آخرون، وأقبل ابن مُخلَّد من الغد إلى المسجِد الجامع، فلم يترك شيئًا ممَّا كُتب عَلَيْهِ حتى محاه، ونهب الناس فِي المسجِد والأسواق، وأفطر الجُند يومئذٍ.
وعزل ذَكا محمد بْن طاهر عَن الشُّرَط وجعل مكانه وَصِيف الكاتب يوم الثلاثاء لستّ عشرة خلت من رمضان سنة خمس وثلاثمائة.
ثمَّ وقع الاختلاف بين المُظفَّر بْن ذَكا بالإسكندريَّة وبين بَرْبَر البُحَيْرة، فخرج عَنْهُمْ مُظفَّر إلى تَرُوجة، ثمَّ رجع إلى الإسكندريَّة، وسارت مُقدَّمة صاحب إِفرِيقيَّة إلى لُوبِية ومراقية، فهرب أهل الإسكندريَّة منها وجلَوا عَنْهَا، وخرج منها مُظفَّر بْن ذَكا فِي خمسة، ودخلت مُقدَّمة ابن صاحب إفريقيَّة إليها يوم الجمعة لثمان خلونَ من صفر سنة سبع وثلاثمائة، وهرب أهل القُوَّة من الفُسطاط إلى الشام فِي البرّ والبحر، فهلك أكثرهم بفِلَسطِين وذكا مُقيم بالفُسطاط، قد خالفه الجُند، وأبوا الخروج معه إلى الجيزة وامتنعوا، وسأَلوا العَطاء.
واجتمع قوم من أهل المسجِد، فصاروا إلى ذَكا، فسألوه الخُروج إلى الجِيزة،