للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نَفْسِي. فقالتْ خَديجةُ: كلَّا واللَّه لا يُخْزِيكَ (١) اللَّه أبدًا، إنّكَ لَتَصِلُ الرَّحمَ، وتَصْدُقُ الحديثَ، وتَحمِلُ الكَلَّ (٢)، وتَكْسِبُ المَعْدومَ، وتَقْرِي الضَّيْفَ (٣) وتُعينُ على نَوائبِ الحقِّ (٤). ثُمَّ انطلقَتْ بهِ خَديجةُ إلى وَرَقَةَ بنِ نَوْفَلٍ، ابنِ عمِّ خَديجةَ، فقالتْ لهُ: يا ابنَ عمِّ اسمَعْ مِن ابنِ أخيكَ فقالَ لهُ وَرَقَةُ: يا ابنَ أخي ماذا ترَى؟ فأخبَرَهُ رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم خَبَرَ ما رأَى. فقالَ وَرَقَةُ: هذا النامُوسُ (٥) الذي أنزلَ اللَّه على موسى، يا لَيْتَني فيها جَذَعًا (٦)، لَيْتَني أكونُ حيًّا إذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ. فقالَ رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: أَوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ؟ قال: نعمْ، لمْ يأْتِ رجلٌ قطُّ بمِثْلِ ما جِئْتَ بهِ إلَّا عُودِي، وإنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أنْصُرْكَ نصرًا مُؤَزَّرًا. ثُمَّ لمْ يَنْشَبْ (٧) وَرَقَة أنْ تُوفِّيَ، وفَتَرَ الوَحْيُ (٨) حتَّى حَزِنَ النَّبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم -فيما بلغنَا (٩) - حُزنًا غدا منه مِرارًا كيْ يَترَدَّى منْ رؤوسِ شَواهِقِ الجبالِ، فكلَّما أوْفَى بذِروَةِ جبلٍ


(١) تصحفت في المطبوعة إلى (يُحْزِنُكَ) والتصويب من المخطوطة. ولفظ المؤلف في شرح السنة (ما يخزيك) وكذا في رواية البخاري التي في كتاب بدء الوحي.
(٢) الكلّ: بفتح الكاف أصله الثقل (النووي، شرح صحيح مسلم ٢/ ٢٠١).
(٣) تقري الضيف: تطعم النازل بك.
(٤) نوائب الحق: الحوادث الجارية على الخلق.
(٥) الناموس: صاحب سر الملك، وهو خاصّه الذي يطلعه على ما يطويه عن غيره من سرائره، وقيل: الناموس: صاحب سرّ الخير، والجاسوس: صاحب سرّ الشرّ، وأراد به جبريل عليه السلام لأنَّ اللَّه تعالى خصّه بالوحي والغيب اللذين لا يطلع عليهما غيره (ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث ٥/ ١١٩، مادة "نمس").
(٦) قوله "جَذَعًا" يعني شابًا قويًا (النووي، شرح صحيح مسلم ٢/ ٢٠٣).
(٧) لم ينشب: أي لم يلبث، وأصل النشوب: المتعلق؛ أي لم يتعلق بشيء من الأمور حتَّى مات (الحافظ ابن حجر، فتح الباري ١/ ٢٧).
(٨) إلى هنا يقف بعض رواة الحديث. وتتمة الحديث موجودة عند البخاري في روايته التي في أول كتاب التعبير، وليست محمد البخاري في سائر رواياته ولا عند مسلم ولا عند المؤلف في شرح السنة.
(٩) قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري ١٢/ ٣٥٩: (إن القائل (فيما بلغنا) هو الزهري، ومعنى الكلام: إن في جملة ما وصل إلينا من خبر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في هذه القصة، وهو من بلاغات =

<<  <  ج: ص:  >  >>