للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تسمية المهر، فكذلك مع فساد التسمية؛ لأن ما كان فاسدًا شرعًا فذِكْره كالسكوت عنه في حكم الاستحقاق، "فإن النكاح يهدم الشرط ولا ينهدم به" هكذا قال إبراهيم النخعي (١) رحمه الله (٢).

نوقش (٣):

بأن صحة النكاح بغير تسمية المهر، لا يمنع بطلانه بفساد المهر؛ كما يصح البيع بغير أجل وغير خيار، ويبطل بفساد الأجل وفساد الخيار.

٣. وإذا صح النكاح فلها مهر مثلها؛ لأن البضع لا يتملك إلا بعوض، وقد تعذّر إيجاب المسمى، فيصار إلى العوض الأصلي.

٤. ولأن فساد العوض يقتضي رد المعوض، وقد تعذر رده لصحة النكاح، فيجب رد قيمته، وهو مهر المثل.

٥. وإذا لم يفسخ العقد في فساد المهر بعد الدخول، فكذلك لا يفسخ قبل الدخول؛ لأنه لو لم يكن نكاحًا منعقدًا حلالًا ما صار حلالًا بالدخول.

٦. القياس على من اشترى شيئًا بثمن فاسد، فقَبِض المبيع، وتلف في يده فإنه


(١) إبراهيم النخعي فقيه العراق، هو أبو عمران إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود الكوفي الفقيه: روى عن علقمة ومسروق والأسود وطائفة، وقد دخل على أم المؤمنين عائشة وهو صبي، ولم يلبث له منها سماع.

وكان بصيرًا بعلم ابن مسعود، أخذ عنه حماد بن أبي سليمان الفقيه وسماك بن حرب والحكم بن عتيبة وابن عون والأعمش ومنصور وخلق، وكان من العلماء ذوي الإخلاص. وكان مفتي أهل الكوفة هو والشعبي في زمانهما، قال الشعبي لما بلغه موت إبراهيم: "ما خلف بعده مثله". وقال عبد الله بن أبي سليمان: سمعت سعيد بن جبير يقول: "تستفتوني وفيكم إبراهيم النخعي"، مات إبراهيم في آخر سنة خمس وتسعين كهلًا قبل الشيخوخة - رحمه الله - تعالى. انظر: سير أعلام النبلاء (٤/ ٥٢٠ - ٥٢٤)، تذكرة الحفاظ (١/ ٥٩).
(٢) رواه عبد الرزاق في مصنفه (٦/ ٢٢٥)، وسعيد بن منصور في سننه (١/ ٢١٤)، وابن أبي شيبة في مصنفه (٤/ ٤٢٥) عن إبراهيم النخعي - رحمه الله - بلفظ: «كل شرط في نكاح فالنكاح يهدمه، إلا الطلاق، وكل شرط في بيع، فالبيع يهدمه إلا العتاق».
(٣) انظر: الحاوي الكبير (٩/ ٣٩٤)، المغني (٧/ ٢٢٣).

<<  <   >  >>