للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عطاء أعطته عائشة: والله لتنتهين عائشة أو لأحجرن عليها، فقالت: أهو قال هذا؟ قالوا: نعم، قالت: هو لله عليّ نذر، أن لا أكلم ابن الزبير أبدًا.

فأتاها ابن الزبير، واعتنقها وطفق يناشدها ويبكي ... حتى كلمت ابن الزبير، وأعتقت في نذرها ذلك أربعين رقبة" (١).

وجه الدلالة:

وهذا يدل على أن الحَجْر على البالغين مشهور بينهم، وإلا لأنكر عليه ذلك، ولأنكرته هي أيضًا، لا باعتبار أنها صرفت المال في وجهه، بل باعتبار أن الحَجْر على البالغة لا يجوز (٢).

قال الإمام البيهقي رحمه الله: "فهذه عائشة رضي الله عنها لا تنكر الحجر" (٣).

وتعقبه ابن التركماني رحمه الله وقال: "أي إنكار أشد من قولها: "أهو قال هذا؟ ! لله على نذر أن لا أكلمه" - حتى استشفع ابن الزبير إليها وأعتقت في نذرها أربعين رقبة" (٤).

ويجاب:

بأن البيهقي رحمه الله قال: "لا تنكر الحجر"، ولم يقل: لا تنكر حجرها؛ فعائشة رضي الله عنها أنكرت فعل ابن الزبير رضي الله عنه لكونه أراد الحجر عليها، وهي لا تستحق الحجر؛ لأنها غير مبذرة، بل تنفق في الخير كما كان أبوها رضي الله عنه، لا لكون الحَجْر ممنوعًا على السفيه المبذّر.

٥. قالوا: ولأن كل معنى لو قارن البلوغ منع من تسليم المال إليه، فإذا طرأ بعد البلوغ اقتضى إعادة الحَجْر عليه، كالمجنون (٥).


(١) رواه البخاري في صحيحه، كتاب الأدب، باب الهجرة، رقم (٦٠٧٣).
(٢) انظر: البيان (٦/ ٢٣١)، المغني (٤/ ٣٥٢)، المطلب العالي لوحة ١٠/ ٢٣/أ.
(٣) السنن الكبرى للبيهقي (٦/ ١٠٢).
(٤) الجوهر النقي (٦/ ٦٢).
(٥) انظر: البيان (٦/ ٢٣٢)، المغني (٤/ ٣٥٢).

<<  <   >  >>