للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أدلة القول الثالث:

قالوا: الواجب في قتل العمد القصاص عينًا، فيصح عفوه؛ لأنه لم يتضمن تضييع المال. فلا يجب للولي إلا أن يقتص أو يعفو عن غير دية، إلا أن يرضى بإعطاء الدية للقاتل، وأنه إذا لم يرد المقتص منه أن يؤدي الدية لم يكن لولي الدم إلا القصاص مطلقًا أو العفو.

أولًا: لحديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - في قصة سن الربيع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «كتاب الله القصاص» (١).

وجه الدلالة:

كون النبي - صلى الله عليه وسلم - حكم بالقصاص ولم يخيّر، ولو كان الخيار للولي لأعلمهم النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ لا يجوز للحاكم أن يتحكم لمن ثبت له أحد شيئين بأحدهما من قبل أن يعلمه بأن الحق له في أحدهما (٢).

ونوقش:

١. بأن قوله - صلى الله عليه وسلم -: «كتاب الله القصاص»، إنما وقع عند طلب أولياء المجني عليه في العمد القود، فأعلم أن كتاب الله نزل على أن المجني عليه إذا طلب القود أجيب إليه، وليس فيه ما ادُّعي من تأخير البيان (٣).

٢. والواجب في قتل العمد أحد شيئين لا بعينه: القصاص أو الدية. وذلك لأمرين:


(١) رواه البخاري في صحيحه، كتاب التفسير، باب {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}، رقم (٤٥٠٠)، ومسلم في صحيحه، كتاب القسامة، باب إثبات القصاص في الأسنان، رقم (٦٧٥).
(٢) انظر: الذخيرة للقرافي (١٢/ ٤١٣)، مواهب الجليل (٦/ ٢٣٤)، المغني (٤/ ٣٥٥)، بداية المجتهد (٤/ ١٨٤)، فتح الباري (١٢/ ٢٠٩).
(٣) انظر: فتح الباري (١٢/ ٢٠٩).

<<  <   >  >>