للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الدلالة:

أن عليًا جعل ذَنَبي السوط كالجلدتين، فكذلك هنا مائة شمراخ كمائة جلدة (١).

ونوقش:

بأن الأثر فيه نكارة، والرواية الصحيحة أن عثمان بن عفان أتي بالوليد إليه وقد صلى الوليد الصبح ركعتين، ثم قال: أزيدكم، فشهد عليه رجلان أنه شرب الخمر، وشهد آخر أنه رآه يتقيأ، فقال عثمان: إنه لم يتقيأ حتى شربها، فقال: يا علي، قم فاجلده، فقال علي: قم يا حسن فاجلده، فقال الحسن: ولِّ حارَّها من تولى قارَّها (٢)، فكأنه وجَد عليه، فقال: يا عبد الله بن جعفر، قم فاجلده، فجلده وعلي يَعُدُّ حتى بلغ أربعين، فقال: أمسك، ثم قال: «جلد النبي - صلى الله عليه وسلم - أربعين»، وجلد أبو بكر أربعين، وعمر ثمانين، وكلٌ سُنَّة، وهذا أحب إلي (٣).

قال الطحاوي: "ففي هذا الحديث أن عليًا رضي الله عنه ضربه ثمانين؛ لأن كل سوط من تلك الأسواط سوطان. فاستحال أيضًا أن يكون علي رضي الله عنه يقول: إن الأربعين أحب إلي من الثمانين ثم يجلد هو ثمانين. فهذا دليل أيضًا على فساد حديث الداناج (٤).


(١) الإشراف (٧/ ٢٧٦).
(٢) قوله "ولِّ حارَّها من تولى قارَّها" الحار الشديد المكروه والقار البارد الهنيء الطيب، وهذا مثل من أمثال العرب. قال الأصمعي وغيره: معناه ولِّ شدتها وأوساخها من تولى هنيئها ولذاتها. والضمير عائد إلى الخلافة والولاية، أي: كما أن عثمان وأقاربه يتولون هنيء الخلافة ويختصون به يتولون نكدها وقاذوراتها. ومعناه ليتول هذا الجلد عثمان بنفسه أو بعض خاصة أقاربه الأدنين، والله أعلم" شرح النووي على مسلم (١١/ ٢١٩).
(٣) رواه مسلم في صحيحه كتاب الحدود: باب حد الخمر، رقم (١٧٠٧).
(٤) يقصد أثر علي - رضي الله عنه - أنه قال: «جلد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الخمر أربعين، وأبو بكر أربعين وكملها عمر ثمانين، وكل سنة»، وقد تقدم أن أصله في صحيح مسلم، وهو من رواية الداناج وهو عَبد اللَّهِ بن فيروز الداناج البَصْرِيّ، ويقال الدانا، والداناج أو الدانا لغة فارسية، ومعناها بالعربية: العالم. وهوتابعي.
رَوَى عَن: أنس بن مالك، وطلق بن حبيب، وعكرمة مولى ابن عباس، ومعبد الجهني، ويزيد الفارسي، وأبي برزة الأَسلميّ، وغيرهم. قال أبو زُرْعَة والحافظ ابن حجر: ثقة.
الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (٥/ ١٣٦)، (ذكر أسماء التابعين ومن بعدهم ممن صحت روايته عن الثقات عند البخاري ومسلم) للدارقطني (٢/ ١٤٠)، تهذيب الكمال (١٥/ ٤٣٧)، تقريب التهذيب (ص: ٣١٨).

<<  <   >  >>