للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونوقش:

بأنَّ ذلك منسوخ بشريعتنا. لقوله تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} (١).

وقال مجاهد: هي لأيوب خاصة (٢).

٤. ولقول الله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (٣).

وجه الدلالة:

توجب الآية أن لا يُجلد أحد إلا على حسب طاقته من الألم.

فيؤلم الشيخ الكبير، والغلام الصغير، من الجلد ما لا يؤلم ابن الثلاثين الشاب القوي.

ووجدنا المريض يؤلمه أقل شيء مما لا يحسه الصحيح أصلًا، إلا كما يحس بثيابه التي ليس لحسه لها في الألم سبيل أصلًا (٤).

٥. قالوا: ولأنه لا يمكن ضربه بالسوط؛ لأنه يتلف به، ولا يمكن تركه؛ لأنه يؤدي إلى تعطيل الحد (٥).

٦. قال الإمام الشافعي رحمه الله: "ولأنه إذا كانت الصلاة تختلف باختلاف حاله؛ فنأمره أن يصلي قائمًا، فإن لم يستطع فجالسًا، فإن لم يستطع فعلى جنبه. فالصلاة أكبر من الحد، فالحد بذلك أولى" (٦).


(١) سورة المائدة: ٤٨. انظر: المحلى بالآثار (١٢/ ٩٠)، تفسير القرطبي (١٥/ ٢١٣).
(٢) انظر: المحلى بالآثار (١٢/ ٨٨).
(٣) سورة البقرة: ٢٨٦.
(٤) انظر: المحلى بالآثار (١٢/ ٩٠).
(٥) انظر: البيان (١٢/ ٣٨٦)، المهذب (٣/ ٣٤٣)، تفسير الرازي (٢٣/ ٣١٥)، المغني (٩/ ٤٨)، مغني المحتاج (٥/ ٤٥٨).
(٦) انظر: الحاوي الكبير (١٣/ ٢١٦)، المهذب (٣/ ٣٤٣)، تفسير الرازي (٢٣/ ٣١٥).
في الحاوي: "حكى الشافعي مناظرة جرت بينه وبين من خالفه فيه؛ فقال: قال لي بعضهم: لا أعرف الحد إلا واحدًا، وإن كان مضنوءًا من خلقته.
قلت له: أترى الحد أكبر أو الصلاة؟ .
فقال: الصلاة. قلت: كل فرض قد نأمره في الصلاة أن يصلي قائمًا، فإن لم يستطع فجالسًا، فإن لم يستطع فعلى جنبه.
فقال: هذا اتباع سنة، وموضع ضرورة. قلت: فكذلك الجلد اتباع سنة، وموضع ضرورة.
قال: فقد يتلف الصحيح المحتمل للضرب ويعيش النضو الضعيف.
قلت: إنما إلينا الظاهر والأرواح بيد الله سبحانه.
وهذا دليل واضح وجواب مقنع".

<<  <   >  >>