للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دار الإسلام، ولم يَعِزَّ الطعام ردَّه المقترض إلى الإمام، فإن بقي عين المقترَض رده إلى المغنم. وهو الصحيح عند الشافعية (١)، واختيار الصيدلاني (٢).

ففي الجملة تكاد تتفق المذاهب على أنه ليس قرضًا محققًا مع اختلافهم في بعض التفاصيل.

تعليل القول الأول:

١. قالوا: ليس على المستقرض شيء؛ لأن حقيقته تناولٌ من طعام الغنيمة، وهو مال مباح ملك للجميع، وإنما الاستقراض كان لتطيب نفسُ صاحبه بالتسليم إليه، فلا يلزمه ضمان باستهلاكه (٣).

٢. قالوا: وقولنا: إن لم يستهلكه بعد، فالمقرض أحق به إذا أراد استرداده؛ لأن المقرض لم يرضَ بتحويل اليد إلى صاحبه، إلا بشرط أن يلتزم ويوجب على نفسه أن يردَّ مثله، وقد تعذّر إيجاب هذا الشرط فينعدم رضاه، ويصير حكمه كما لو أخذه صاحبه


(١) انظر: روضة الطالبين (١٠/ ٢٦٥)، أسنى المطالب (٤/ ١٩٨)، الغرر البهية (٥/ ١٢٦)، تحفة المحتاج (٩/ ٢٥٦)، مغني المحتاج (٦/ ٤٥)، نهاية المحتاج (٨/ ٧٣).
(٢) في حاشية نهاية المطلب (١٧/ ٤٤١): "وقطع الصيدلاني في البيع بالبطلان، وفي الإقراض بإثبات حكم" (البسيط: ٥/ورقة: ١٦٣ شمال). وفي نهاية المطلب (١٧/ ٤٣٨ - ٤٣٩): "وذكر الصيدلاني وغيره من المعتبرين أن الإقراض يتعلق به حكم، فإن الآخذ مقدارَ الحاجة يصير أوْلى به، ويثبت له حق اليد فيه، وفائدة هذا الوجه أنه يطالبه بما أخذه أو بمثله، ما داما في دار الحرب، فإن اتصل الجند بدار الإسلام فالمستقرض لا يرد على المقرض شيئًا، فإنه انقطعت حقوق الغانمين عن الأطعمة بالتعلّق بدار الإسلام" وقال في (١٧/ ٤٣٩): "والوجه الذي ذكره الصيدلاني أن للمقرض مطالبة المستقرض ما داما في دار الحرب، وهذا نص الشافعي: "فإذا خرج إلى دار الإسلام، فالردّ على الإمام "، إذا كانت العين قائمة، فأما إذا أُكل واستُهلك، وتعلقا بدار الإسلام فالذي قطع به كل محقق أنه لا يطالَب المستقرض بشيء. وإن كانت العين قائمة، وتيسّر الردّ إلى المغنم ردّ، وإن تعذّر، ففيه التردّد الذي ذكرناه".
(٣) انظر: شرح السير الكبير (ص: ١٢٢٧ - ١٢٢٨).

<<  <   >  >>